ربما راودتك هذه الفكرة مراراً وأنت في طريقك إلى عملك، فسألت نفسك عن الوقت الأنسب لامتلاك عمل خاص بك، تكون أنت المدير لشؤونه بدل بقائك في عمل يديره غيرك.
في هذه اللحظات قد تفكر بالأمر من ناحيته الإيجابية الجذابة، ويغيب عن ذهنك بعضاً من صعوباته فريادة الأعمال ليست بالأمر السهل بل هي مهمة مرهقة، قائمة على المخاطرة والقرار المغامر الجريء والذي لا تؤمن نتائجه وخاصة أن نسبة النجاح للشركات الجديدة تكون في الأغلب غير مشجعة.
ولكن ربما تكون هذه الصعوبات أخف وطئاً عليك من أن تكون مجرد موظف في شركة يملكها غيرك وخاصة إذا كنت ممن يتميز شخصية ريادية خلّاقة تبحث دوما عن الطرق المثلى في تحدي النفس، وتعشق تحمّل المخاطر والمجازفة في اتخاذ قرارات جريئة، وتتمتع بدرجة عالية من الثقة بالنفس تجعلها تسيطر على أفعالها وأفكارها وبالتالي يكون استقلالها بعمل جديد من المسائل البسيطة وغير المقلقة.
ولكل هل امتلاكك لهذه الصفات يعد أمراً كافياً لاتخاذك قراراً جريئاً بالانتقال من كونك موظف ماَجور إلى صاحب عمل خاص بك أم يحتاج الأمر إلى عوامل أخرى، تجعلك تفكر بالتغيير قد يكون منها رغبتك بتطوير ذاتك وحبك لهذا الأمر.
متى نقول وداعا للوظيفة وأهلاً بريادة الأعمال؟
بالإضافة إلى امتلاكك لقدرات نفسية عالية تؤهلك للريادة، يبقى لديك الانتباه لوجود مجموعة من الدلائل والعلامات المحفزة التي تجعلك تسرّع الخطى لاتخاذ قرار جريء كهذا ومنها أن تكون شغوفاً بعملك وأفكارك الخاصة أكثر من استمتاعتك بالوظيفة التي تعمل بها ولو كانت مريحة بالنسبة إليك.
حيث تجد أنك أصبحت بحاجة إلى شيء أكبر من أن تنفّذ جدول أعمال يومي محدد، وأن هناك أفكاراً كثيرة تدور في عقلك وتحتاج منك إلى الاكتشاف والتحقيق وهذا ما يتطلب بالتأكيد المزيد من المخاطرة والتي تعد الأساس الذي تقوم عليه ريادة الأعمال، فالأحلام التي تبنيها لن تدخل حيّزالوجود وأنت تجلس على أريكة الراحة والانتظار والتفكيرالمجرد البعيد عن التنفيذ وكما يقول مؤسس شركة ماكدونالد إذا لم تكن مخاطراً فعليك إذاً أن تخرج من عالم الأعمال.
وفي حال شعورك بالرغبة لامتلاك فريق خاص تشعر تجاهه بالمسؤولية، وترغب بتقديم العون والمساعدة له لتمكنه من الارتقاء إلى فرص جديدة، عندها تكون من أكثر الأشخاص تأهيلاً لبناء مؤسسة مستقلة ناجحة، وذلك أن خلق فرص جديدة للعمل تعد واحدة من أكبر المسؤوليات المناسبة لرواد الأعمال، فشعورك تجاه فريقك سواء نجح أم فشل هي من أهم العلامات التي تقول لك استمر في طريق الريادة أو ابقَ في مكان عملك الحالي ولا تغادره..
ومن العلامات الأخرى أيضاً شعورك الدائم بعدم الرضا وأن الوقت الذي تمضيه في عملك الوظيفي ينبغي أن يستثمر في أماكن تحقق فيها ريادتك بشكل أكبر، وتعمل فيه لشيء خاص يبقى مستمراً باسمك ويجلب الثروة لعائلتك، ونضيف أيضاً وجود الرغبة الدائمة في التغيير والحماس لتحقيق شيء قادم على الدوام.
هذه الدلائل إن توفرت لديك فاعلم أن ساعة الانتقال قد حانت فلا مجال لتضييع الوقت أكثر ولتبدأ تجربتك في الريادة و لكن انتبه لمراعاة متطلبات نجاحها.
متطلبات الريادة الناجحة
عندما تفكر بالريادة فإنك تفكر حتماً بنجاحها وتميزها وهذا ما لا يتحقق إلا بوجود عدة أسباب تعين على ذلك وأولها هو ضمان الوجود لكتف داعمة تستند عليها وتبكي عليها إن لزم الأمر وهذا ما نعني به وجود الدعم فحياتنا المهنية والشخصية بأمس الحاجة لما يشعرها بالأمان وخاصة في مرحلة إنشاء المؤسسة الجديدة.
فلا مجال للعزلة بل لابد من الحرص على إحاطة نفسك بالمزيد من العقول المنفتحة والذكية التي تعينك على تصويب طريقك الذي لايزال بخطواته الأولى، فالنجاح قرين للدعم الذي يسندنا من الخلف ويجعلنا أقوى ونحن نخاطر في تحقيق ما نصبو إليه حيث تقول السيدة Dame Anita Roddick مؤسسة شركة مستحضرات التجميل العملاقة The Body Shop أن النجاح هو إيجاد عقول منفتحة وأرواح ذكية تحيط بنا وتمكننا من جعل جنوننا وتهورنا يعملان بطريقة جيدة”
ويمكن لهذا الداعم أن يكون أحد أقربائك كشريك حياتك، أحد والديك، أو أي شخص آخر يضمن لك الطعام والمأوى والأمان عند قيامك بهذا العمل الجديد.
يجب أن يكون لديك فكرة عظيمة تعمل من أجلها، وهي إما أن تكون جديدة أو تكون تطويراً لفكرة سابقة، وفي كل الأحوال ينبغي لك أن تعتني بها لأنها ستبقى معك حتى لو قمت بترك عملك، فإليك مثلاً ستيف جوبز مؤسس شركة آبل والذي قضى سنوات طويلة في تأسيس ألعاب فيديو ولكنه في ذات الوقت كان يحمل رؤية لجعل أجهزة الكمبيوتر الشخصية في متناول الجميع، وهذا ما جعله ينجح رغم عزله من الشركة التي يعمل بها لأن فكرته بقيت تلاحقه.
ولكن الأفكار العظيمة وحدها لا تكفي إن لم يكن لها خطط تنفذها، لذلك عليك بوضع خطط مدروسة ومنظمة تعتمد على أحدث الأبحاث لتضمن لك نجاحاً مؤكداً، ومن الضروري أيضاً أن يكون لك خطةً بديلة تنقذك في حال فشلت الأولى وإياك ووضع كل البيض في سلة واحدة كي لا تخسره جميعاً ولكن كن منظماً وعلى دراية جيدة بما تقوم به.
نذكر أخيراً أن ريادة الأعمال رحلة أنت من يقوم بانتقاء طرقها، فهي رغبة شخصية محضة ليس فيها أي نوع من الإجبار لذلك كان من اللازم فيها أن تكون قرينة للمتعة ولا شيء غير المتعة.