يعتبر الاستثمار في العقارات واحد من أهم مصادر الدخل التي يسعى الأفراد والمؤسسات للحصول عليها، وسواء كانت الشركات صغيرة أو كبيرة الحجم، فإن الجميع يقف أمام عقبة الحصول على التمويل الكافي والخبرة في التعامل مع هذا القطاع الحيوي. عادة ما ينظر إلى أسعار العقارات في بلد ما على اعتبارها مؤشر على قوة العملة المحلية وسلامة الاقتصاد، وهو بالضبط السبب الرئيسي الذي يدفع أزواج العملات الرئيسية حول العالم للتحرك بأحد الاتجاهين، عند صدور تقارير تصاريح البناء، او إجمالي البيوت قد الإنشاء مثلًا.
الفرص الاستثمارية ذات العائد المجزي
تكتسب هذه المعلومات أهمية خاصة بالنسبة لمعظم المتداولين في البورصات، ممن يسعى لتحقيق الربح الوفير، إلا أن الأهمية لا تقل داخل قطاع البناء والعقارات بحد ذاته، كذلك الفرص الاستثمارية ذات العائد المجزي ليست بأقل شأننًا، بل يوجد الكثير من الأساليب والطرق المخصصة للاستثمار في القطاع العقاري دون الحاجة لوجود رأس مال كبير، أو الاتجاه نحو شراء مباشرة للممتلكات، وما يرافق ذلك عادة من إرهاق وتعب وصداع يصيب المستثمرين خلال محافظتهم على سلامة العقارات، او في عند التعامل مع المستأجرين لها، وسلسلة الإجراءات القانونية والتشريعية المتعبة التي يعمل وفقها سوق العقارات.
تتطلب العقارات خبرة خاصة لعمليات الصيانة والتطوير، ومعرفة شاملة بأدق التفاصيل المرتبطة بالمخاطر التنظيمية سواء على المستوى المحلي أو الوطني العام. لا ننسى نفقات الرهن العقاري والفوائد على القروض عند البناء، لذا تبرز الحاجة لوجود اشخاص وشركات متخصصة في إدارة العقارات وتحسين إيراداتها وتحويلها إلى فرص استثمارية مهمة، تبقي المستثمر في مأمن من أزمات الرهن العقاري التي عصفت بالعالم.
وتبقى الحاجة لوجود رأس المال الكبير من المفاهيم المغلوطة شائعة الانتشار لدى العموم، في الوقت الذي يمكن فيه تخصيص مبلغ بسيط من المال للاستثمار العقاري، مع الاعتماد على الآخرين من أهل الخبرة والثقة لتحمل عناء الأمور التنظيمية وما يتبعها من ترتيبات وإجراءات قانونية.
كيف يمكن الاستثمار في العقارات بإمكانيات محدودة؟
ظهرت مجموعة من الشركات التي تتعامل مع مشكلة ضعف القوة الشرائية الناتجة عن محدودية رأس المال لدى المستثمر، وتنوعت الأساليب أو الهياكل المالية (نماذج الأرباح) المصممة بالاستناد على استراتيجيات بعيدة أو قصيرة الأجل. يتم الاستثمار عادة في القطاع العقاري عبر شراء العقارات التجارية مثل المكاتب ومركز التسوق والخدمات والمزارع أو تلك المخصصة للإسكان، على أن يتم تأجيرها أو إعادة بيعها مع ارتفاع الأسعار، وتظهر أيضًا مشاريع التطوير العقارية للمناطق الجديدة من خلال بناء وحدات سكنية حديثة بالمطلق.
الحل الأنسب عادة لأصحاب المدخرات القليلة هو الاستثمار فيما يسمى “برك رأس المال” التابعة لصناديق الاستثمار العقاري العامة، لحل إشكال محدودية القدرة الفردية للمستثمرين، حيث لا يحتاج هؤلاء إلى شراء الممتلكات العقارية بشكل مباشر وفق هذا النموذج.
تترك المهمة لصناديق الاستثمار العقارية، ويتولى المستثمر مهمة البحث عن الصندوق المناسب، بحسب الأشكال المختلفة من العقارات التي يمتلكها الصندوق. تتيح هذه الطريقة للمستثمر تداول استثماره في الصندوق على اعتباره ورقة مالية، وبشكل مشابه تمامًا لعمل صناديق الاستثمار التقليدية التي تقدم سلال من الأسهم العامة أمام الراغبين بالشراء.
يجب أن تدفع صناديق الاستثمار في العقارات العامة للمساهمين فيها بالمقابل تسعون بالمائة (90 %) من اجمالي الأرباح الخاضعة للضرائب، عبر توزيعها كأرباح بحسب ما يلزمها به القانون.
أما الطريقة الثانية فتتلخص في صناديق الاستثمار العقارية الخاصة، وهي تجمع استثماري خاص من كبار المؤسسات والأشخاص المؤهلين للعمل في القطاع العقاري. يتقاضى فريق إدارة الصندوق نسبة مئوية من اجمالي مبالغ المستثمرين المودعة لديهم، ثم يتلقون نسبة مئوية ثانية تسمى علاوة الأداء، وتقتطع من صافي الأرباح الناتجة عن المشاريع التي نفذوها خلال فترة عملهم.
ويوجد خيار ثالث لمن لا يرغب في تقديم جزء من ثروته أو نسبة من الأرباح لغيره، إنها منصات الاستثمار العقاري على الإنترنيت، هذه المنصات تسمح للمستثمر بالوصول إلى الفرصة الاستثمارية بشكل مباشر في مختلف أنحاء العالم، ومن دون المرور عبر رسوم الوسطاء والسماسرة. يتطلب العمل عبر هذه المنصات مجموعة من الإجراءات التي تثبت موثوقية المستثمر وقدراته المالية وملائمته لمثل هذا النمط من الأعمال.
الطريقة الرابعة للولوج إلى سوق العقارات هي الاستثمار في أسهم شركات التطوير والبناء العقاري، غالبًا ما تكون الشركات متواجدة في بورصات عالمية وتتداول أسهمها بشكل مباشر. من ميزات هذه الطريقة إمكانية الاستفادة من عدة أسواق عقارية في آن معًا، لان الشركات العالمية تمتلك مشاريع في مختلف مناطق العالم، وبالتالي توزيع المخاطر يكون أكثر مرونة. تقع الفائدة الثانية في إمكانية بيع الأسهم في أس لحظة يحتاج فيها المستثمر لتسيل الأصول وإعادة رأس المال بصورة نقد.
ضوابط صناديق الاستثمار في العقارات
على اعتبار أن الاستثمار والثقة رديفان متقابلان، تعمل صناديق الاستثمار والتطوير العقاري وفق قوانين وآلية تشرف فيها هيئات رسمية على تنظيم العمل بغرض حماية ايداعات العملاء. ويطلب من جميع الشركات والصناديق الامتثال للقوانين والضوابط خلال نشاطاتها سواء بيع أو شراء الممتلكات أو التعامل بالقروض وسندات الرهن العقاري.
ومن المعروف أن صناديق الاستثمار هذه ليست مجرد شركات تمتلك الأصول العقارية، بل يدخل في نطاق عملها توفير السيولة النقدية للمستثمرين او أصحاب المشاريع العقارية، وللتوضيح أكثر يظهر العمل على أنه شراكة في مشاريع يفترض أن تدر أرباحًا تعاد للمودعين (المستثمرين لدى الصناديق) بنسب يتفق عليها.
صناديق الاستثمار في العقارات
يضاف إلى معايير العمل والتشريعات القانونية مجموعة من الضوابط المحددة من قبل لجنة الاوراق المالية والبورصات، حتى تسمح الأخيرة بتداول أسهم الشركات المماثلة. منها استثمار ما لا يقل عن ثلاثة أرباع إجمالي الأموال في الأصول العقارية، وأن يكون 75 بالمائة من الدخل الناتج عن نشاطات صناديق الاستثمار في العقارات قادمًا من إيجار الملكية أو الفوائد على الرهن العقاري. ولا يسمح بطبيعة الحال أن يمتلك خمسة أشخاص أو أقل من ذلك، ما يزيد عن 50 بالمائة من أسهم هذه الشركات.
يبقى أن نعيد التذكير أن صناديق الاستثمار العقاري تلتزم بدفع 90 بالمائة من أرباحها الخاضعة للضريبة على المساهمين بشكل دائم، ومن المطلوب ألا يقل عدد المساهمين لديها عن مئة شخص بعد العام الأول من إطلاقها. لذلك نعتقد من الضروري دراسة وتقيم المخاطر في الاستثمار في العقارات سواء كان عبر شركات وصناديق أو من خلال الاستثمار المباشر، وبما يتناسب مع الإمكانيات الشخيصة لأفراد.