أعلنت شركات طيران ” إيرباص، ورولز رويس، وسيمنز” الأوربية مؤخراً عن قيامها بتقديم نموذج طائرات كهربائية تجارية تعمل بشكلٍ جزئي على الكهرباء، على أن يتم إطلاق النسخة التجريبية منها بحلول عام 2020، والتجارية عام 2030.
ويأتي هذا المشروع الذي أطلقت عليه الشركات تسمية “E-Fan X”خطوةً كبيرة في تعزيز الجهود الرامية إلى الحدّ من تلوث الجو من الطيران، كما أنه سيوفّر البيئة الأساسية لدخول طائرات كهربائية تجارية مخصصة للركاب ضمن قطاع تكنولوجيا الكهرباء بشكل كامل عام 2025.
وأشارت الشركات المصنعة إلى أنها ستقوم بتعديل طائرة “BAe146” ذات المائة مقعد، بإضافة محرك كهربائي بقوة (2) ميغاوات ليصبح واحداً من المحركات الأربعة للطائرة، وسيتم إضافة محرك كهربائي ثان في حال نجاح النتائج الأولية، كما ستقوم “إيرباص” بوصل المحركات بأنظمة الطيران، و”رويس” بتصميم محرك التيربو والمولد (2) ميغاوات، بينما ستعمل “سيمنز” على تطوير شبكة توزيع الطاقة بالطائرة.
وصرّحت الشركات الثلاث في مؤتمر صحفي إنها ستستثمر عشرات الملايين من الجنيه الإسترليني، من أجل هذا المشروع الذي يعد خطوة جيدة في مجال تكنولوجيا الطيران، وخاصةً إذا علمنا أن الاعتماد الكلي على الكهرباء ما يزال بعيداً في الوقت الحالي، بحسب ما أشارت إليه متحدثة باسم هذه الشركات إلى أن وزن البطاريات إلى جانب وزن المعدات اللازمة لتبريد المحركات يعد عاملاً معرقلاً في وجه استخدام الكهرباء في الطائرات بشكل كلي.
لماذا تقوم شركات الطيران بإدخال طائرات كهربائية للخدمة؟
تساعد الطائرات العاملة بالكهرباء على تخفيف تلوث الجو الذي تسببه طائرات محركات الوقود، ولذلك يقوم الاتحاد الأوربي بالضغط للخفض من تلوث الجو من الطيران، مما جعل الشركات تتسابق في تطوير المحركات الكهربائية للطائرات، ويعود بدء أول برنامج تطوير للطائرة الكهربائية بين شركتي إيرباص ورولز رويس إلى عام 2012.
ويعد سعي المفوضية الأوربية لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 60% ، والتلوث الناتج عن أكسيد النيتروجين بنسبة 90% وكذلك الحد من الضوضاء بنسبة 75%، وذلك ضمن خطة تطوير مجال الطيران عام 2050 أحد أقوى الدوافع وراء دخول شركات الطيران الأوربية في صفقة الطائرات الكهربائية، ومن المتوقع أن تحدث هذه الطائرات الحديثة أثراً بالغاً على صعيد حركة الطيران في العالم، لأنها ستكون أقل ضجيجاً وتلويثاً من الأخرى العادية، كما أن مستوى الأمان فيها أكثر وذلك لقلة احتمال الانهيار الميكانيكي فيها نظراً لاعتمادها على الكهرباء بدلاً من محركات الاحتراق الداخلي القادمة من خلايا الوقود والمكثفات الفائقة والبطاريات.
كما ستقوم شركة “رولز رويس” بتوفير المولد الكهربائي في الجزء الخلفي من الطائرة ليعمل على وقود الطائرات وبالتالي يوفر الطاقة للمحرك الكهربائي، في حين سُتخزن الطاقة الزائدة من المولد في مجموعة من البطاريات في الأمام والخلف مع الطاقة المخزنة وذلك لاستخدامها أثناء الإقلاع والهبوط.
شركات تكنولوجيا الطيران بالكهرباء
لاتعد شركات “إيرباص، ورولز رويس، وسيمنز” الوحيدة في مجال استثمار تكنولوجيا الطيران بالكهرباء، بل هناك شركات أخرى دخلت في صفقة متعلقة بهذا المجال ومنها شركة الشحن الجوي الأوروبية “EasyJet” التي أعلنت في شهر سبتمبر أيلول الماضي عن تعاونها مع شركة “Wright Electric” الأمريكية الناشئة في بناء طائرة كهربائية بالكامل، وتعاونت شركة “بوينغ” مع “BlueJet” وشركة “Zunum” الناشئة لتطوير طائرة نقل كهربائية، وستبدأ في الطيران عام 2022.
كما تسعى شركة ” إيزي جيت” لجعل الطائرات الكهربائية تتمكن خلال مدة تتراوح ما بين 10 و20 عاماً من نقل الركاب في رحلات قصيرة المدى، بالإضافة إلى شركة “رايت إليكتريك” التي تهدف إلى إتاحة رحلة جوية تجارية تعمل بالكهرباء تكون بين مدينتي لندن وباريس وذلك خلال 10 سنوات، بالإضافة إلى شركات أخرى تقوم بتطوير طائرات ركاب تجارية تعمل بالكهرباء، او تلك التي تعمل بدون طيار.
يذكر أن التوجه نحو توظيف الكهرباء في تكنولوجيا الطيران قد يكون حلّاً مستقبلياً يحدّ من التغير المُناخي، خاصةً إذا علمنا إن طائرات السفر التجارية مسؤولة عن 2 % من الانبعاثات الكربونية التي توثر على المناخ وتغيره، وهو ما يدفع قطاع الطيران إلى السعي جاهداً خلال العقد القادم للاستغناء عن الوقود الأحفوري واللجوء إلى طرق أخرى تدمج بين التكنولوجيا والوقود الحيوي، فضلاً على أن الوقود يشكّل أكبر التكاليف المفروضة على شركات الطيران.