أصبح المرشح عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعد حصوله على 276 صوتاً مقابل 218 صوتاً لمنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.
فوز ترامب جاء مخالفاً لكل استطلاعات الرأي السابقة للانتخابات والتي رجحت كفة كلينتون بل أن بعضها قال أن فرصتها تبلغ 90% لتكون أول امرأة تترأس الولايات المتحدة الأمريكية.
خيبة الأمل خيمت على كلينتون وأنصارها الذين لم يتوقعوا خسارة كبيرة كهذه، وأعلن مدير حملة كلينتون أن المرشحة الديمقراطية اتصلت بترامب وهنئته بالفوز مضيفاً أنها لن تلقي أي كلمة الليلة ولن تدلي بأي تصريحات حول هزيمتها بالانتخابات، لكنها قد تلقي كلمة موجهة للشعب الأمريكي صباح الأربعاء.
خطاب النصر
الرئيس الجديد لأميركا خرج أمام مناصريه في مدينة نيويورك ليلقي خطاب النصر الذي كان مقتضباً، وافتتحه ترامب بالحديث عن اتصال كلينتون وتهنئتها له، مضيفاً أنه “هنأ كلينتون وعائلتها على حملتهم المواظبة جداً”، وقال ترامب بأنه ممتن للعمل الجاد والطويل الذي قدمته كلينتون لأميركا و”إخلاصها” في ذلك.
ترامب قال بأنه آن الوقت لالتئام الجراح ووحدة الشعب الأميركي ديمقراطيين وجمهوريين سوية، وقال بأنه يعد الجميع بأنه سيكون رئيساً لجميع الأمريكيين، وتوجه للذين لم يصوتوا له بقوله “رغم أنهم قلة، إلا أنني بحاجة لجهودكم لبناء أمة عظيمة”.
الحملة الانتخابية لترامب كانت بحسب خطابه ليست مجرد حملة، بل “حركة شملت كل الأطراف والأديان والتوجهات والمعتقدات، الذين يتطلعون لحكومة تخدم الشعب الأمريكي”.
وتعهد الرئيس الجديد بإعادة بناء الأمة الأميركية وتحقيق الحلم الأميركي، وقال: “كل أميركي سيكون لديه فرصة لتحقيق حلمه. المنسيون لفترة طويلة لن يتم نسيانهم بعد الآن”.
ماذا عن السياسة الخارجية لترامب؟
الخطاب العاطفي والدبلوماسي تجاه خصومه الذي قدمه ترامب لا يعني شيئاً بالنسبة لدول العالم وخصوصاً دول الشرق الأوسط التي انتظرت نتائج الانتخابات لمعرفة كيف ستؤثر عليها وكيف ستتعامل مع المرشح الفائز.
تصريحات ترامب السابقة في حملته حملت أفكاراً صادمة مثل حديثه عن ضرورة منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة واصفاً إياهم بالإرهابيين، وكذلك اعتباره أن القصف الروسي في سوريا هو حرب على الإرهاب، معتبراً أن روسيا تحارب داعش إلى جانب النظام السوري كما لمح إلى تأييده قانون جاستا الذي أقره الكونغرس الأمريكي لفرض عقوبات على السعودية بحجة أن من نفذوا هجوم 11 أيلول مواطنون سعوديون.
ترامب لم يتردد في أكثر من مرة في إظهار إعجابه بشخصية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين معتبراً أنه شخصية استثنائية، وأكد أنه في حال فوزه بالرئاسة سيتعاون معه لحل المشاكل العالقة بين البلدين وإيجاد حل جذري لمشكلة الإرهاب بحسب قوله.
بالنسبة لدول الخليج فإن ترامب قال أنه سيطلب من المملكة العربية السعودية دفع مبالغ مالية مقابل وجود القاعدة العسكرية الأمريكية فيها، متجاهلاً أن وجودها في الأساس كان لحماية المصالح الأمريكية في المنطقة وليس العكس، مضيفاً أن على الدول الخليجية المساهمة في مساعدة اللاجئين وإخماد مناطق الصراع في الشرق الأوسط دون أن يقدم أي توضيح أو رؤية حول كيفية تنفيذ ذلك.
فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني صرّح ترامب بأنه يجب إعادة التفاوض في الاتفاق الأمريكي الإيراني دون إلغاء الصفقة النووية، ويرى خبراء في السياسة الدولية أن هدف ترامب هو الحصول على صفقات للمستثمرين الأمريكيين في السوق الإيرانية وهو ما سيضر بشكل مباشر بدول الخليج أحد شركاء أمريكا الاقتصاديين الأهم، والتي لطالما كانت هدفاً للسياسة الإيرانية العدوانية والمستفزة.
تعامل دول الشرق الأوسط مع الإدارة الأمريكية الجديدة يعتمد على مدى عقلانية ترامب وتراجعه عن تصريحاته الفوضوية والعنصرية التي يعتقد بعض المراقبون السياسيون أنه أطلقها أثناء حملته فقط لجذب أصوات الناخبين الذي يملكون مخاوف من قضايا الإرهاب والمهاجرين.
العالم يرحب بقلق
موسكو كانت من أوائل المهنئين بفوز دونالد ترامب، إذ هنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ترامب بالفوز واعتبر مجلس الدوما الروسي أن ترامب شخص يمكن التفاوض معه وإجراء حوار بناء.
وزير خارجية فرنسا جان مارك آيرولت عبر عن قلق فرنسا من فوز ترامب بالرئاسة، خصوصاً النسبة لاتفاق باريس حول المناخ والاتفاق النووي الإيراني الذي سبق وأن تحدث ترامب عن إعادة صياغته وتعديله.
بدورها وصفت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فان دير ليين فوز ترامب بأنه “صدمة كبيرة” مضيفة أنها تعتقد أن ترامب يعلم أن التصويت لم يكن له، بل كان تصويتاً ضد واشنطن، وضد الإدارة الأمريكية الحالية.
الاتحاد الأوروبي عبّر على لسان وزيرة خارجيته فيدريكا أنه سيستمر بالعمل مع الولايات المتحدة عقب انتخاب دونالد ترامب، وقالت أن “العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أعمق من أي تغيير في السياسة. وسنواصل العمل معا وإعادة اكتشاف قوة أوروبا”.
هلع في الأسواق!
أسواق المال في العالم شهدت حالة من الهلع بعد فوز ترامب خصوصاً انها كانت تراهن على فوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، حيث تراجعت أسعار الدولار بعد إعلان فوز دونالد ترامب.
كما هبطت أسواق المال الأميركية أكثر من خمسة في المائة حتى قبل الإعلان عن فوز ترامب، بعد أن أظهرت الأرقام تقدم المرشح الجمهوري على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، إذ هبط مؤشر S&P الأوسع نطاقا 1.5 في المائة، فيما تهاوى مؤشر ناسداك الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا بنسبة 8.5 في المائة ما يعكس القلق المتزايد في الأسواق بشأن المخاطر الاقتصادية المرتبطة بوصول دونالد ترامب إلى الرئاسة.
في بورصة طوكيو بدأ المؤشر نيكاي الجلسة على ارتفاع نسبته 0.64 في المائة مراهنا على فوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون. لكنه بدل توجهه مع إعلان النتائج وتراجع أكثر من 6 في المائة في بداية جلسة بعد الظهر، وقررت وزارة المال اليابانية ووكالة الخدمات المالية وبنك اليابان عقد اجتماع طارئ لبحث الوضع في الأسواق بعد فوز ترامب.
وتراجعت بورصة لندن حوالي خمسة في المائة في الأسواق الآجلة قبل ساعات من بدء الجلسة. وخسرت هذه العقود 4.44 في المائة.