منذ أيام قامت الحكومة الهندية بإجراء بعض التعديلات على اتفاقيتها الخاصة بالضرائب مع سنغافورة والتي يبلغ عمرها 20 عاماً، وذلك بعد أن سبق وعدلت في اتفاقياتها المشابهة مع قبرص وموريشيوس، ضمن حملتها لمحاربة التجنب الضريبي في البلاد.
وزير المالية الهندي أرون جايتلي قال للصحافة أن “تجديد الاتفاقيات الثلاثة في قبرص وموريشيوس وسنغافورة فإن الحكومة الهندية استطاعت إيقاف التجنب الضريبي وتدوير الأموال غير المشروع”، وأن هذه الاتفاقية ستكون على مستوى الاتفاقية التي تفرضها موريشيوس على الاستثمار في الأسهم بالشركات الهندية ابتداء من 1 أبريل 2017.
الهند حالياً تفرض 15% ضرائب على مكاسب رأس المال قصيرة الأجل في حين تستثنى المكاسب طويلة الأجل من الضرائب، لكن بعد تجديد الاتفاقية مع سنغافورة فإن مثل هذه المكاسب ستدفع ضرائب بنسبة 50% في حال ارتفعت المكاسب ما بين 1 أبريل 2017 و31 آذار 2019.
تجديد اتفاقية الازدواج الضريبي مع سنغافورة كان ضرورياً للحكومة الهندية وكذلك لسنغافورة حيث أن الشركات لم تكن تضطر لدفع أي ضرائب على مكاسب رأس المال ضمن الاتفاقيات السابقة، لعدم وجود ضرائب مشابهة في الدول المستضيفة لتلك الشركات، وذلك بحسب الوزير جايتلي.
جايتلي أضاف أن “سنة 2016 كانت تاريخية بالنسبة للهند في مجال الإصلاحات الاقتصادية ومحاربة التجنب الضريبي” وجاء تجديد اتفاقية الضرائب مع سنغافورة ليتوج جهود الحكومة الهندية في نهاية العام.
كيف سيتعامل المستثمرون مع الإجراءات الجديدة؟
أكبر المتأثرين بالإجراءات الجديدة هم مستثمرو المحافظ الأجنبية في السوق الهندية، فبعد العمل لسنوات ضمن أسلوب واستراتيجيات معينة يترتب عليهم اليوم البحث وإيجاد طرق جدية للتعامل مع المستجدات بالنسبة للضرائب الجديدة.
كل الطرق الجديدة للعمل ستكون ضمن سياق القانون الجديد لمحاربة التجنب الضريبي الذي أقرته الحكومة الهندية عبر تجديد اتفاقيات الضرائب مع سنغافورة ووموريشيوس وهي أبرز ملاذات التهرب الضريبي للشركات العاملة في الهند.
الخبراء في السوق الهندية يتحدثون عن الإجراءات الحالية الخاصة بالضرائب والقادمة مثل القانون العام لمكافحة التجنب الضريبي GAAR وضرورة الانتباه لها من قبل المستثمرين.
تجديد الاتفاقية مع سنغافورة سيؤثر فقط على المستثمرين الأجانب في الهند، لكن قانون GAAR لمكافحة التجنب الضريبي وضع ليؤثر على الشركات الهندية والمستثمرين الهنود أيضاً.
شركات الأسهم الخاصة تعلم أنها مستثناة من الإجراءات الجديدة حتى تاريخ 31 مارس 2017 والتأثير الحقيقي سيبدأ فعلاً في السنة المالية 2021-2022 بحسب خبراء ماليين، وأن هذه الفترة التي ستشهد خروج شركات الأسهم الخاصة من استثماراتها التي تمت بعد 1 أبريل 2017 تاريخ تطبيق القوانين الجديدة.
العديد من المستثمرين الأجانب الأصغر في الهند سيسعون إلى زيادة عدد موظفيهم في جزيرة موريشيوس والعديد من الوكلاء في الهند يدفعون المستثمرين لذلك، حيث أن المستثمر الأجنبي الذي ليس لديه أي ممتلكات في الجزيرة سيواجه ضرائب معاكسة، وهذا الأسلوب قد يكون طريقة لإظهار ملكيته لمؤسسة عاملة في موريشيوس، بحسب خبراء في السوق الهندية.
لكن من الناحية الأخرى فإن مسؤولي الضرائب الهنود أكدوا أنهم يقظون لمثل هذه الأساليب وأن خداع القوانين الجديدة غير ممكن، ويبدو أن على المستثمرين الأجانب الذين يتمتعون باستثناء حالياً من الضرائب حتى 1 أبريل، عليهم التفكير باستراتيجية جديدة للتأقلم مع الضرائب الجديدة، بناء على قول مسؤولي الضرائب.
المستثمرون الأجانب قد يبدؤون بالاستثمار في عدة مقاطعات وتنظيمات لكن هذه الاستثمارات بدورها سوف تخضع لاختبار خاص بقانون GAAR لمنع التجنب الضريبي.
في حين قد يلجأ مستثمرون آخرون إلى نقل أعمالهم إلى سنغافورة من موريشيوس رغم أن فوائد الاتفاقية الضريبية هي نفسها في الحالتين، لكن سنغافورة تملك تفوقاً طفيفاً على موريشيوس باعتبار أنها كاستثمار لا تخضع لقانون GAAR الذي تخضع له الاستثمارات القادمة من موريشيوس.
تعاون ثلاثي، وسويسرا تشارك
الحكومة السنغافورية أصدرت بدورها بياناً حول تجديد الاتفاقية مع الهند وقالت في بيانها أن الاتفاقية الجديدة ستحافظ على استثنائها لمكاسب رأس المال التي حصلت قبل 1 أبريل 2017 من الضرائب الجديدة، وهو ما تم بالتنسيق بينها وبين الهند.
إذ تعتبر سنغافورة ثاني أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي المباشر في الهند بعد جزيرة موريشيوس حيث يأتي منها 16% من التدفق المالي التراكمي حتى الآن، في حين أن تعاون موريشيوس التي تعتبر أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي في الهند كان له دور مصيري في محاربة التجنب الضريبي، خصوصاً عبر إخضاع استثماراتها لاختبار قانون GAAR لمكافحة التجنب.
سويسرا بدورها ستقوم بحسب مسؤولين في الحكومة الهندية، التي تمتلك برنامجًا نوويًا، ستبدأ منذ عام 2019 بمشاركة معلوماتها مع الحكومة الهندية حول الحسابات المصرفية والاستثمارات في تلك الحسابات في فترة ما بعد 2018.
الاتفاق مع سويسرا تم توقيعه منذ شهرين من قبل المجلس المركزي للضرائب المباشرة، وقال المجلس أن هذه الاتفاقية هي علامة هامة في طريق الهند نحو مكافحة التجنب الضريبي وإخفاء الأموال خارج الهند.
جهود الحكومة الهندية ستستطيع بحسب خبراء اقتصاديين تحقيق أهدافها في إعادة الاستثمارات إلى داخل البلاد ومنع التجنب الضريبي الذي كان يتم بأرقام كبيرة عبر موريشيوس، وأن التعاون السنغافوري جاء ليضع كل أساليب التجنب الضريبي في موقع صعب جداً، وليفرض على المستثمرين الأجانب الذين اعتادوا العمل بأساليب معينة إيجاد أساليب جديدة تماماً للتعامل مع السوق الهندية في السنوات القادمة.