إلى أين يذهب الرئيس الأمريكي بالشرق الأوسط؟

1952

وقّع الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب يوم الجمعة الماضي قراراً بمنع مواطني سبع دول إسلامية من الدخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لحماية الولايات المتحدة من (إرهابيي الإسلام المتطرف) على حد تعبير الرئيس الأمريكي.

الأمر التنفيذي الذي وقعه ترامب سيعني منع اللاجئين السوريين من الدخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية إلى أجل غير مسمى أو حتى يصدر ترامب قراراً يلغي القرار الحالي، فيما سيمنع مواطنو ست دول أخرى هي إيران والعراق وليبيا والصومال والسودان واليمن من الدخول إلى أمريكا لمدد تتراوح بين 90 يوماً و120 يوماً، حتى يتم تعزيز الإجراءات الأمنية بحسب إدارة ترامب.

العديد من الناشطين الحقوقيين في الولايات المتحدة نددوا بشدة بقرار ترامب الذي وصفوه بالعنصري، وخرجت عدة شخصيات في الحزب الديمقراطي لتستنكر قرار ترامب، حيث أكدّ أحد الخبراء في العلاقات الدولية أن هذا الأمر التنفيذي هو باختصار “منع المسلمين” من دخول أمريكا، ودفعة قوية لتيار الإسلاموفوبيا في أمريكا.

أحد مسؤولي الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية اعتبر أن قرار الرئيس الأمريكي حظر المسلمين من دخول أمريكا هو قرار يساوي ما بين الإرهابيين والمدنيين الأبرياء الذين يتعرضون للإرهاب، كما أشار إلى أن هذه القرار يخالف الدستور الأمريكي الذي يمنع التمييز على أساس الدين، خصوصاً بعد تصريح ترامب بأن أولوية الهجرة ستكون للمسيحيين وغيرهم من الأقليات.

قرار ترامب بمنع المسلمين من دخول أمريكا ليس سوى تنفيذاً لوعود قطعها الرئيس على نفسه في حملته الانتخابية التي توجت بالنجاح رغم كل الانتقادات والاستياءات والتحذيرات من أن فوزه بالمنصب سيعني أربع سنوات من التوتر ما بين أمريكا ودول الشرق الأوسط وربما بزوغ تيارات عنصرية كبرى تسبب توتراً كبيراً داخل المجتمع الأمريكي نفسه.

كيف ينظر الشرق الأوسط إلى قرار ترامب؟

الأمر التنفيذي الأمريكي بحظر المسلمين من دخول أمريكا وجه رسالة واضحة وقوية إلى دول الشرق الأوسط بأن ما اعتبره البعض مجرد “كلام انتخابي” أثناء حملة ترامب، قد أصبح اليوم حقيقة وقراراً جاري تنفيذه بحق الملايين من مواطني الدول المشمولة بالقرار.

هذا بدوره يعني أن جميع وعود ترامب الانتخابية بخصوص الشرق الأوسط والتي أثارت جدلاً كبيراً واستبعدها الكثير من الخبراء قد تصبح واقعاً مثل قرار حظر المسلمين، إذ سبق وأن صرح ترامب بأنه سينقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى مدينة القدس وهو ما أثار ضجة كبيرة باعتباره تصرفاً قد يثير أزمة في الشرق الأوسط كله، وقد يحطم نهائياً أي جهود لمفاوضات فلسطينية إسرائيلية.

من ناحية أخرى فإن الرئيس الأمريكي سبق أن قال في حملته الانتخابية أنه سيقوم بإيقاف استيراد النفط من المملكة العربية السعودية لتحقيق ما أسماه “استقلال الطاقة” في أمريكا، وتطبيق ترامب لقرار حظر المسلمين قد يعني أنه يمكن أن يطبق باقي وعوده المثيرة للجدل.

countries impacted by trump ban - alvexo

كذلك فإن خبراء في العلاقات الدولية والأمن أكدوا أن ترامب الذي برر قرار منع المسلمين من دخول أمريكا بمحاربة الإرهاب وحماية بلاده منه، هو في الواقع يوجه ضربة للحرب على الإرهاب وليس العكس.

فالدول السبعة المشمولة بقرار الحظر لم يشارك مواطنو ستة منها في أي هجوم إرهابي داخل الولايات المتحدة الأمريكية، في حين أن الهجوم الوحيد قام به مواطن صومالي حين جرح 11 مواطناً أمريكياً بسكين! وهو بالتأكيد ليس مبرراً منطقياً لقرار ترامب بحسب الخبراء.

بالتالي فإن الدول المشمولة بالقرار وفي حال شعرت أن مواطنيها يعاملون بعنصرية وإساءة فإنها قد تلجأ إلى عرقلة أو حتى إلغاء التعاون الاستخباراتي مع أمريكا في شؤون الإرهاب وقد تتوقف عن تقديم أي معلومات بخصوص المشتبه بهم من مواطنيها أو من العابرين في حدودها ومطاراتها، وهو ما قد يفتح ثغرة ضمن النظام الأمني الأمريكي.

بدورها ستجد المنظمات الإرهابية في هذا القرار فرصة نادرة لتجنيد المزيد من الشباب وتضليلهم، خصوصاً أن القرار الأمريكي يرسل رسالة واضحة وعنصرية بأن مواطني هذه الدول هم مشتبه بهم حتى تثبت براءتهم، ويضع أمريكا في موقع العدو لهم، وهو تماماً ما تحتاجه تلك المنظمات.

من ناحيتها فإن إيران أحد الدول المشمولة بقرار منع المسلمين من دخول أمريكا كانت تنتظر وصول ترامب إلى سدة الرئاسة لمعرفة مدى جديته بخصوص كلامه السابق حول إلغاء الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، ويبدو أن قرار الحظر وجه الرسالة بشكل واضح للمسؤولين في طهران.

خبير في العلاقات الدولية وقضايا النزاع اعتبر أن قرار ترامب سيزيد من قوة المنتقدين للرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني، وسيعطي دفعة للتيار المتشدد في إيران والذي سيدخل استحقاق الانتخابات الإيرانية في مايو القادم، وفوز التيار المتشدد سيعني تجدد التوتر بين إيران وأمريكا وكذلك بين إيران والمملكة العربية السعودية، وهو ما سيكون له تأثير سلبي على الأوضاع في الشرق الأوسط ككل.

قرار ترامب الحالي ربما يعيد المخاوف لتطفو على السطح من انتشار موجة إسلاموفوبيا جديدة في أمريكا، قد تجعل حياة الأمريكيين المسلمين وذوي الأصول الشرق أوسطية والمهاجرين صعبة وقد يتعرضون لمضايقات أو موجات عنف كما سبق وحصل بعد هجمات 11 سبتمبر في عام 2001.

الاقتصاد شيء آخر!

تضمن حظر المسلمين من دخول الولايات المتحدة إشارة كبيرة علق عليها العديد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين حيث أن القرار لم يشمل العديد من الدول ذات الأغلبية الإسلامية مثل السعودية وتركيا والإمارات ومصر والكويت ولبنان رغم أن مواطني البعض من هذه الدول قاموا سابقاً بأعمال عدائية داخل أمريكا.

خبير اقتصادي أمريكي قال أن القرار كان فقط لتحييد الدول الإسلامية (الفقيرة) أو ذات المشاكل مع أمريكا دون أي اعتبار لمسألة الحرب على الإرهاب التي اتخذها ترامب مبرراً لقراره، وأضاف الخبير أن هذا يفسر استثناء دول مثل السعودية وتركيا من القرار بفضل العلاقات الاقتصادية الكبيرة التي تربطها مع أمريكا، والتعاون الكبير بخصوص الحرب على الإرهاب.

iraq leaves opec - alvexo

كذلك فإن الاستثمارات الشخصية لترامب كان لها تأثير كبير في الأمر التنفيذي الخاص بحظر المسلمين حيث أن الدول التي يملك فيها الرئيس فروعاً لمنظمة ترامب مثل السعودية ومصر تم استثنائها من القرار كي لا يسبب عرقلة لحركة رجال الأعمال والعمالة منها وإليها ولتفادي أي توتر اقتصادي معها.

DES-152_AL_AR_GlobalGas_VPR_970x90

تركيا وأذربيجان تعد بدورها أسواقاً اقتصادية محتملة بالنسبة لترامب الذي يرغب في فتح استثمارات كبيرة فيها بحسب مراقبين اقتصاديين، وكذلك الأمر بالنسبة للإمارات وإندونيسيا وقطر وغيرها.

جميع من يعرف الرئيس دونالد ترامب يعرف طبيعته الخاصة كرجل أعمال وأن المصلحة والربح والخسارة هي العامل الأساسي بالنسبة له في تقدير أي موقف أو إجراء، لكن أن تتدخل استثمارات الرئيس وعائلته وطموحاتهم في بناء إمبراطورية مالية في القرارات الخاصة بالدولة فإن هذا مؤشر خطير قد يضع الأمريكيين أمام مشاكل كبيرة، خصوصاً أن واجب أي رئيس هو حماية مصلحة البلاد وليس مصالحه الخاصة.

المرحلة القادمة ستشهد بالتأكيد المزيد من القرارات للرئيس الجديد وإدارته، ورغم أن وضع احتمالات لنتائجها ليس إلا ضرباً من التوقع إلا أن المؤشرات الحالية لا تنبأ بعلاقة مريحة مع الشرق الأوسط في الأيام القادمة.

Previous articleسرقة لابتوب شركة ريزر تجسس صناعي أم دعاية مجانية!
Next articleهل سيشهد الاتحاد الأوروبي تحالف بين بريطانيا وتركيا