أزمة جديده عبّرت بغداد عنها من خلال إجراءات عقابية على إقليم كردستان

678

ما تزال أزمة بغداد وأربيل عالقة ومستمرة حتى الآن، بين شدّ وجذب ومحاولات للحوار لم تأت بالكثير من الثمار حتى اللحظة. حيث تفجّرت هذه الأزمة بين العاصمة بغداد والإقليم الكردي قبل أشهر قليلة بعد إجراء استفتاء محلي في الإقليم حول أحقيته بالانفصال عن العراق، الأمر الذي واجه الرفض الشديد من كل جيران أربيل، الذين أبدوا هذا الرفض العنيف تباعاً، فيما عبّرت بغداد عنه من خلال إجراءات عقابية على الإقليم، تمثلت في فرض حظر جوي على الرحلات الجوية من وإلى مطاري أربيل والسليمانية، وطلب الاعتراف بإبطال نتائج الاستفتاء في أربيل، كشرط للمضي قدماً في المفاوضات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم.

وكانت هذه الأزمة قد جمعت بين وجهات نظر إقليمية عديدة، رفضت الاستفتاء الأربيلي، حيث وقبل نهاية العام الماضي، كان المرشد الإيراني علي خامنئي قد شدد على الموقف الإيراني الداعم لسيادة العراق ووحدة أراضيه أمام الحركات الانفصالية. بينما عبّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن رفض بلاده لنتائج استفتاء إقليم كردستان، وذلك أثناء لقائه مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي ما يزال يحظى حتى هذه اللحظة بالكثير من التأييد الإقليمي، ومنها استعادة العلاقات نسبيًا مع السعودية،  في مواجهة المشروع الانفصالي الكردستاني، ضمن المفاوضات الجارية بين حكومته وحكومة الإقليم لبحث سبل حلّ هذه الأزمة.

هل تنجح الحكومة الاتحادية بفرض إرادة الدولة الواحدة على حكومة إقليم كردستان؟

منذ تصعيد الأزمة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة أربيل، لم تتوقف الوفود من الطرفين عن التباحث بهدف الوصول إلى وجهة نظر مشتركة، إلا أنّ الحكومة الاتحادية المدعومة إقليمياً، تصّر على إبطال مفعول الاستفتاء الكردستاني الذي جرى سبتمبر الماضي، وأهمية وحدة وسيادة العراق، وأنّ مواطني كردستان العراق يبقون جزءاً من الشعب العراقي مهما ارتفعت حدّة الخلافات بين الحكومات. وتُصرّ حكومة العبادي التي استقبلت أخيراً وفداً من أرفع مسؤولي إقليم كردستان، على إعادة تفعيل السلطات الاتحادية في الإقليم، وترك شؤون حماية الحدود مع العراق وتركيا لها، وبشكل خاص المنافذ الحدودية والمطارات.

ويُعدّ الوفد الكردستاني الذي زار حكومة العبادي أخيراً، هو الأرفع من حيث المستوى منذ تفجّر الأزمة بين الحكومتين، وقد تضمن كلّ من نائب رئيس حكومة الإقليم قوباد طالباني، ورئيس ديوان رئاسة الإقليم السابق فؤاد حسين، على أمل التوصل إلى حلحلة للمشاكل التي أثّرت أولاً وأخيراً على اقتصاد الإقليم، وجعلته يتكبد خسائر تُقدّر بحوالي  2 مليار دولار، فضلاً عن تضرر المواطنين في الإقليم بشكل أساسي.

وكانت الحكومة الاتحادية قد استعادت فعلاً السيطرة على جميع المناطق التي كانت البشمركة تسيطر عليها بعد خروج تنظيم داعش الإرهابي، في كل من كركوك ومناطق أخرى في محافظة نينوى، إلا أنّها لم تستعد السيطرة على المعابر الحدودية مع كل من تركيا وإيران، وبشكل خاص منطقة فيشخابور، التي تحتوي على أنبوب تصدير النفط الشمالي الرئيسي في الإقليم الكردستاني، والتي تُعتبر من أهم المناطق الاستراتيجية بالنسبة للإقليم.أزمة جديده عبّرت بغداد عنها من خلال إجراءات عقابية على إقليم كردستان

مواطنو أقليم كردستان المتضرر الأكبر من أزمة أربيل وبغداد

فيما تنتظر حكومة الإقليم الكردستاني أية وساطة خارجية تدعم وجهة نظرها، إلا أنها لم تصطدم حتى الآن إلا بالمزيد من العرقلة، حيث قال نائب الجماعة الإسلامية الكردستانية زانا سعيد، إنّ الجهود الدولية لم تحقق حتى الآن أي أثر في تقريب وجهات النظر بين حكومتي الإقليم وبغداد، حيث تؤكّد حكومة أربيل على رغبتها في الوصول إلى حل، بينما تقوم حكومة بغداد باتّهامها بأنّها لم تبدِ أي التزام بالشروط التي تُطلب منها، وبين وجهة نظر وأخرى لم يتضرر أحد كما مواطني الإقليم الذي ضاعت حقوقهم وسط هذا الصدّ والردّ.

DES-152_AL_AR_GlobalGas_VPR_970x90

وكان نائب دولة القانون جاسم محمد جعفر، قد صرّح أخيراً إنّ حكومة إقليم كردستان تتحمل مسؤولية هذا الخلاف العالق، بسبب عدم التزامها بالوثيقة التي تم توقيعها في 26 أكتوبر الماضي، والتي نصّت على خروج قواتها من بعض مناطق سهل نينوى والمنافذ، وإنما على عكس ذلك، زادوا عدد قواتهم في تلك المناطق.

وبين هذا وذاك، تصاعدت أيضاً مشكلة توقف رواتب موظفي الإقليم، وقضية نسبة موازنة الإقليم من الموازنة الاتحادية العامة، الأمر الذي يشير إليه جعفر بأنه تقصير من حكومة الإقليم، حيث لم توضح كل من أربيل ودهوك حتى الآن موضوع موظفيها وعددهم، الأمر الذي يحتاج إلى تدقيق فعلي، فضلاً عن أنّ قضية الموازنة ما تزال تواجه العديد من المشاكل التي تعرقلها، وتحتاج إلى المضي بالحوار مع بغداد قدماً للحصول على حلّ يرضي الأطراف فيها.

يذكر أن حكومة بغداد قد واجهت اتهامات أخيرة، باستمالة عدد من الزعماء الكرد المعارضين للزعيم الكردي مسعود بارزاني، في خطوة قال البعض إنها محاولة لضرب الأطراف الكردية مع بعضها، وتحويل ذلك لصالح الحكومة الاتحادية، والتأسيس لمرحلة تكون الكلمة الفصل فيها لبغداد فقط.

Previous articleكتاب نار وغضب يخترق بيت ترامب ويهزّ عرش رئاستة
Next articleالولايات المتحدة ستكون أكبر مُنتج للنفط عالمياً في 2018