الكثير من الأشخاص يقعون ضحية اعتقادهم الخاطئ أن التميّز من الصفات الفطرية الطبيعية الغير مكتسبة، وأنه محصور بفئة ضيقة من الناس ممن يمتلكون الحظ والشخصية المثيرة، ولديهم سلوك اجماعي ذو طابع خاص، والعديد من المواهب. إلا أن الدراسات أثبتت غير ذلك، وأوضحت أن كونك محبوباً هو أمر تحت سيطرتك ويعتمد على قدرتك في استخدام ذكائك العاطفي.
أن تكون جذاباً، مثيراً، ذكياً أو غيرها من الصفات السلوكية ستجعل ذكائك الاجتماعي مرتفعاً. أما الصدق والشفافية والقدرة على تقبل وفهم الآخرين، هذا ما سيمكنك أن تكون انسان مميز محبوب. إذا وبحسب الخبراء ما عليك سوى تطوير مهاراتك واستخدامها كي لا تضيع من بين يديك، فبإمكانك تدريب عقلك وتوجيهه بشكل أفضل، لأننا مسؤولون عن تنفيذ ما نريده.
ماهي أسرار الشخصية المحبوبة؟
يعتمد نجاحك في مجال العمل وفي حياتك الشخصية على قدرتك على التواصل الفعال مع الآخرين، تستطيع أن تتعلم كيف تكون دافئ المشاعر، ودوداً، ومحبوباً، وكيف تكون شخصاً ساحراً فقط عن طريق ممارسة بعض الخطوات، تلك التي استعان بها أشد الأشخاص فاعلية وأقواهم تأثيراً في عالمنا الحالي.
هناك مغناطيس في فمك…استعمله! إن أكبر أداة بإمكانها جذب الآخرين، هي ابتسامتك الساحرة، التي تضفي الكثير على شخصيتك ولاشي سيحل مكانها لبناء علاقاتك وتطويرها، فلا خلاف أنها مؤشر جلي لمقدار استمتاعك برفقة أحدهم، ولكن احرص ألا تفرط بالضحك، كي لا تثير الشكوك بأنك شخص ساخر.
وإن أعظم هدية يمكنك تقديمها للمحيطين بك هو التقبل الإيجابي غير المشروط، لذا لا تنتقدهم او تتصيد عيوبهم، لا تطلق الأحكام سريعاً، لا تعظهم وتعطهم المحاضرات، ثم إياك والسعي للفت الانتباه أنك شخص مختلف، بل بادر الى نشر الطاقة الإيجابية والتحفيز، فالمجاملة تروق الجميع، وبالتالي سيشعرون بأهميتهم ويزداد تقديرهم لذاتهم، وتلقائياً سيحبونك، فالشخص يكتسب أهميته عندما يشعر جميع من بقربه انهم عظماء.
بالإضافة لكون مقدرتك على الاستماع بعناية من شأنها أن تساعدك بنفس قدر أية مهارة أخرى تكتسبها، فإحدى أهم الصفات هي القدرة على جمع المعلومات وطرح الأسئلة خلال المحادثات، فالتعاطف أمر هام جداً، كأن تكون واعياً للحديث ومهتماً به، فقط اصغي بانتباه دون أن تقاطع المتحدث، وأوقف جميع الأنشطة التي من الممكن أن تشتت تركيزك، وحاذر أن تفترض أنك تعرف بالضبط ما يقصده الآخر بكل كلمة قالها، بل قم بطرح الأسئلة لمساعدة المتحدث على توضيح أفكاره وتشجيعه، ما عليك سوى الاستماع بحرص والتحلي بالصبر و الهدوء.
أما عندما يحين دورك في التحدث، اطلب الاذن دائماً، واستعن بالأمثلة الحيوية المختصرة، بلغة بسيطة عادية كي تتجنب بناء الحواجز بينك وبين الناس، أيضاً أبطئ من ايقاعك في الحديث واستخدم نبرات صوت أعمق فهي أكثر جاذبية، وتحلى بالوقفات لإعطاء المستمع فرصة للتفكير، والأهم من ذلك ركز على الحديث بشأن ما يهتم به الآخرون، ولكن لا تفرط في تقديم المعلومات، فقط اعرض ما يحتاجون إليه فأحياناً الحماس المفرط قد يطغى على مستوى تركيزهم فيذهب به أدراج الرياح.
كن واقعياً حقيقاً، واحترم عواطف وانشغالات الآخرين، وفي الطرف المقابل إياك أن تدع مزاجك يؤثر على تعاطيك معهم، فالشفافية ستجعلهم يثقون بك، ويتأكدون أنك قادر على دعمهم ومساعدتهم، فالناجحين ليسوا بحاجة للادعاءات، فلديهم سلوكهم اللطيف وسمعتهم الجيدة وهم مخلصين لمن يساعدهم على التقدم وتحقيق الانجازات.
الممارسة تصنع الاتقان
يقال إن العادات القديمة تموت بصعوبة، وهذا يعني انه شبه مستحيل أن تغيير أنماط تفكير ظلت تلازمك لفترات طويلة. ومع ذلك، فالتجارب والدراسات أثبتت أن طرق التفكير والسلوكيات المتأصلة يمكن استئصالها، وأن كل يوم هو معجزة تعتنق فيها اعتقاداً جديداً يحل محل القديمة منها.
مارس مهاراتك الجديدة بشكل دوري، قد تخطئ مرات، ولكن التكرار كفيل بالتغلب على جميع الصعوبات، ومعرفة سبب أفعالك لا يعني تلقائياً أنك تعلم كيفية تغييرها، إذا كنت ترغب بذلك حقاً، أعطي تركيزاً أكبر على كيفية تعديل سلوكك من الخارج ليصل للداخل، فبصرف النظر عما يدور في عقلك، فإن معيار الحكم عليك هو طريقة تصرفك.
تذكر أن الخطوات الأولى في سبيل التغير قد تبدوا شاقة، وصعبة وعبثية. إلا أن الإصرار والعزيمة لمستمرة هي مفتاح التغلب على الصعاب، وهي من يقدم لك الدافع الأبرز عندما تفتر الهمم. أما التطبيق الحقيقي لهذه الكلمات فممكن من خلال تخصيص جزء من دفتر الملاحظات، حيث تدون عليه تقدمك في أهدافك ومواظبتك عليها، لا تخجل من كتابة نسبة الفشل أيضًا لأن ذلك يساعدك في تقيم الخطوات ومعرفة الحلول الأفضل بالنسبة لك.
يبقى أن نشير إلى أن خبراء الاتصال يضعون مجموعة من مهارات التواصل التي يمكنك التدريب عليها مثل فن الصمت، والاصغاء الفعال، والحديث الودود القريب من الاخرين، فجميع هذه الأدوات مفاتيح بين يديك بإمكانك البدء بممارستها تدريجياً حتى تصبح جزء من شخصيتك وتساهم في تعديل تصرفاتك، كي تكون قادراً على تنمية ذكائك الاجتماعي والعاطفي لتغدو مؤثراً ومحبوباً من الجميع.