بعين مصوّبة على المستقبل، لا تنسى دبي أن تهتم بجعل هذا المستقبل ملوّناً ومشرقاً وسعيداً إلى جانب اعتماده على أحدث ما توصّل إليه الإبداع البشري في جميع المجالات. فدبي المدينة الذكية تريد أيضاً وبشدّة أن يكون لحيويّتها المستمرة معنىً أكبر، ولذا تطمح إلى أن تصبح المدينة الأسعد في العالم أيضاً بحلول العام 2021.
في العام 2016، أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن تنصيب الشابة عهود الرومي كوزيرة سعادة للبلاد، لتقود 60 شابة وشاباً ليكونوا مديري سعادة البلاد وإيجابيتها، عبر البحث عن أفضل السبل التي تربط بين مفهوم “دبي المدينة الذكية” و”دبي المدينة الأسعد”، وقد عمل هذا الفريق من مديري السعادة على تطوير مفهوم السعادة في المدينة صغيرة المساحة، إلى أن أصبح لدى زائري ومقيمي المدينة آلات لقياس سعادتهم، منتشرة في الأماكن العامة، والتي تطلب منهم بلطف أن يشاركوا مشاعرهم الحالية، عبر الضغط على زر يعبّر عن حالتهم؛ بين سعيد، محايد أو حزين. وربما ليس مفاجئاً، أن هذا المقياس يشير حتى الآن إلى سعادة سكانية تصل إلى 90%، بحسب ما كشفت مديرة مكتب مدينة دبي الذكية د.عائشة بن بشر.
أين تقع دبي على خريطة السعادة العالمية؟
لحسن حظ دبي أنها مدينة مرنة وشديدة الحيوية والتطوّر، ويقوم على إدارتها أشخاص ذوي همة وطموح عاليين. ولسوء حظ المدينة صغيرة المساحة، فإن مقاييس السعادة العالمية الحالية، تقوم على قياس سعادة شعوب كاملة وليس مدن، لذا فهي لا تزال تعاني من منافسة غير متوازنة تماماً للحصول على مرتبة سعادة أعلى، إلا أنّ دبي تستطيع قلب كفّة الميزان لصالح البلاد في هذا المجال، فبحسب مدير معهد أبحاث السعادة الدنماركي مايك ويكينغ، فقد تم منح الإمارات العربية المتحدة المرتبة 21 بين الأمم الأكثر سعادة في عام 2017، وذلك بناءً على ستة متغيّرات تحدد هذه المرتبة، وهي: الدخل المحلّي للفرد، الدعم الاجتماعي، توقعات الحياة الصحّية، الحرية الاجتماعية، الوفرة وغياب الفساد أخيراً.
وقياساً بالعام الماضي، فقد تقدّمت الإمارات العربية المتحدة 5 درجات في سلم الأمم الأكثر سعادة، رغم الانتقادات التي ما تزال تحيط بطريقة إدارة البلاد، والتقييد المفروض بعض المجالات في المجتمع الإماراتي، الأمر الذي توضحه د.عائشة بن بشر في أن أي تصرّف أو قرار تأخذه الحكومة الإماراتية يتمحور حول توفير سعادة وراحة أكبر لشعبها، دون إهمال أي من المعايير الملموسة لتوفير حياة أفضل وأكثر سعادة لجميع الأفراد دون تمييز.
دبي مدينة ذكية وسعيدة
يهدف مشروع “دبي مدينة ذكية” إلى رؤية تجعل من المدينة الأسعد في العالم والأكثر تطوراً من ناحية الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة. ولخدمة ذلك فقد وضع القائمون على المشروع خطوة جديدة من أجل الوصول إلى قياس أعمق لمشاعر الأفراد عبر فحص حالاتهم شفهياً للحصول على استبيانات أكثر دقة وحيوية، عن طريق تحليل تقني لنبرة أصواتهم وسماتها أثناء عملية قياس سعادتهم للتأكد من دقتها.
كما يعمل المشروع على إضافة تفاصيل يومية بسيطة ودقيقة تضيف إلى سعادة الفرد، وتبسيط الخدمات العامة، فعلى سبيل المثال تم إضافة تكنولوجية أجهزة الاستشعار إلى حاويات القمامة في المدينة، والتي تعطي تنبيهاً تلقائياً عندما تحتاج إلى إفراغها، كما تم إطلاق تطبيق للهاتف المحمول، لمساعدة السكان على دفع فواتيرهم وغراماتهم واستكمال أكثر من 55 خدمة أخرى بطريقة مُيسرة عبر هواتفهم النقّالة فقط.
وخلال الأعوام الماضية قامت الجهات الحكومية بتنظيم حشود كبيرة بهدف رفع منسوب السعادة بين السكان، كتنظيم فعالية “حديقة السعادة، لتعزيز عادة ممارسة الرياضة اليومية، وتنظيم فعالية رحلة السعادة في اليوم الدولي للسعادة، فضلاً عن مهرجانات وفعاليات السعادة الأخرى المختلفة، والتي تتضمن أنشطة متنوعة تهدف إلى نشر مفهوم الانبساط والترفيه عن النفس.
ورغم مؤشّرات وجهود نشر السعادة المستمرّة في الدولة، لكن يبدو أنّ أكبر محفّز على بلوغ مراتب أعلى بين الأمم السعيدة عالمياً، هو الإنجاز المستمرّ الذي تسجّله الإمارات العربية المتحدة في عدة مجالات مستقبلية وامتلاكها لأفضل التقنيات الحديثة وتوظيفها بالشكل الأمثل في الحياة اليومية للمواطنين، ويبقى هذا التفوّق التكنولوجي المتزامن مع الحفاظ على أصالة المجتمع والإمارات، واحد من أهم مميّزات القفزات الكبيرة التي حققتها البلاد في الأعوام الأخيرة، مقارنة بنظيراتها من المدن والعواصم الطموحة في العالم.