أعلنت الحكومة التركية بدء تشغيل مطار إسطنبول الدولي الجديد في مرحلته الأولى، يوم الأحد الماضي بعد أن استكملت التحضيرات الأساسية لعمليات المطار في مساء يوم السبت. وقالت السلطات التركية أنها قامت بأضخم عملية نقل على الإطلاق لآلاف الأطنان من المعدات والتجهيزات من مطار أتاتورك، نحو المطار الجديد الذي يعتبر الأكبر في العالم.
وشكلت عملية النقل تلك تحدي كبير، نجحت حكومة العدالة والتنمية في تنفيذه بسرعة كبيرة، ما ساعد في دخول مطار إسطنبول الدولي الجديد في مرحلة العمل وفق الخطة الزمنية المقررة.
وبدأت عملية النقل من مطار أتاتورك الدولي نحو مطار إسطنبول في يوم الجمعة عند الساعة الخامسة مساءًا بالتوقيت المحلي، وانتهت في العاشرة صباحًا من يوم السبت التالي. حيث من المقرر أن يتم إغلاق مطار أتاتورك بشكل نهائي أمام الرحلات التجارية.
في نفس الوقت تخطط الحكومة التركية لمتابعة حركة الملاحة العامة في مطار أتاتورك بعد تنفيذ أعمال صيانة، ليعود المطار للعمل لاحقًا مع اقتصار دوره على شحن البضائع، وحركة الطائرات الخاصة والحكومية فقط. كما من المفترض أن يتم تحويل جزء من هذا المطار إلى حديقة عامة وهو الأمر الذي أعلن عنه الرئيس التركي سابقًا.
ويعتبر المشروع العملاق واحد من مشاريع البنية التحتية المدعومة بشدة من قبل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، ويقف إلى جانب مطار إسطنبول الدولي الجديد في هذا السياق مشروع الجسر الثالث على البوسفور والنفق الذي يمر بأعماق المضيق الذي افتتح عام 2016.
وتعمل الحكومة التركية، التي واجهت انقلاب فاشل، على عدة محاور لتغير وجه البلاد، ومنها مشاريع البنية التحتية العملاقة، قبل دخول الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية عام 2023 والتي تريد فيها تركيا أن تصبح من أكبر عشرة اقتصاديات حول العالم.
كيف كانت اللحظات الأخيرة من حياة مطار أتاتورك؟
بإشارة من وزير المواصلات التركي جاهد طوران عبر برج المراقبة، أقلعت أخر رحلة للخطوط الجوية التركية متجهة نحو سنغافورة، حيث حملت الطائرة في وقت متأخر من يوم غد الجمعة 350 راكبًا.
ثم بدأت علمية النقل الجوي في رحلات داخلية من مطار أتاتورك إلى مطار إسطنبول الدولي الجديد، حيث قامت السلطات أيضًا بإغلاق العديد من الطرقات بهدف تسهيل حركة المرور لعدد كبير من شاحنات النقل، تجاوز عددها المئات.
ووصف المشرفون على عملية النقل، أنها أكبر عملية نقل بتاريخ الطيران المدني حول العالم، حيث انتهى نقل 97 بالمائة من التجهيزات والمعدات الموجودة في مطار أتاتورك بحلول الساعة الثامنة مساءًا بحسب حديث تلفزيوني بث على قناة NTV التركية. وقطعت الرحلات الجوية بين المطارين حوالي 30 كيلو متر وهي المسافة الفاصلة بين الموقعين، مطار اتاتورك الدولي الذي يحمل الرمز (ISL) ومطار إسطنبول الجديد الذي سيشار إليه بالرمز (IST).
الخطوط الجوية التركية، كانت قد اتخذت من مطار أتاتورك الدولي في مدينة إسطنبول مقرًا لها، منذ تأسيسه عام 1953 فيما يقطن جزء كبير من العاملين في المطار القديم في أحياء قريبة تحيط به.
من داخل مطار أتاتورك، بدت حركة المغادرين في الممر المخصص لموظفي الجوازات خالية تمامًا من المسافرين، خلال الساعات الأخيرة من عمر المطار، في حين أغلقت جميع مكاتب شركات الطيران أبوابها وأوقفت بيع التذاكر في مساء ذلك اليوم. وكان كمال غتشر المدير العام لفرع شركة لوفتهانزا الألمانية في تركيا، قد أعلن ان شركته قامت بآخر رحلة لها من مطار اتاتورك يوم الخميس، ثم استأنفت العمل يوم الاثنين الماضي من مطار إسطنبول الدولي الجديد”
إلا أن الطاغي على المشهد كان، الحجم الكبير للشاحنات المرتبطة بعملية النقل والذي تجاوز عدده بحسب وزارة المواصلات 5 آلاف شاحنة نقلت مع الطائرات ما يزيد عن 47 ألف طن من المعدات.
يحيط بمطار أتاتورك القديم، مجموعة كبيرة من الفعاليات التجارية والمشاريع الاستثمارية، منها مدينة معارض ومؤتمرات دولية، ومراكز تجارية يقصدها آلاف الزوار سنويًا. هذا ما دفع البعض للتساؤل عن مصير هذه الأعمال بعد الانتقال للمطار الجديد واقتصار الحركة في مطار أتاتورك على عمليات شحن البضائع.
عملاق المطارات الأول في العالم
افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي عانت بلاده من تراجع في قيمة عملتها، المطار الجديد في أواخر شهر تشرين الأول الماضي لعام 2018، لكنه بدء برحلات تجريبية قليلة، فيما من المتوقع أن تصل الطاقة الاستيعابية مستقبلًا لنحو ألفي عملية هبوط يوميًا.
يقع مطار إسطنبول الدولي الجديد في القسم الأوروبي من المدينة، وسيصبح عند انتهاء المرحلة الثالثة منه عام 2025 الأكبر في العالم، وجاء بناؤه بسبب محدودية قدرات مطار أتاتورك وصبيحة الدولي على التعامل مع حجم المسافرين من إسطنبول الآخذ بالازدياد، حيث يتعامل الأول مع 37 مليون مسافر سنويًا، فيما يقدم مطار صبيحة خدماته لــ 13 مليون مسافر فقط.
بحسب المخطط فإن المطار سيعمل وفق ثلاثة مراحل، تتيح الأولى التعامل مع 90 مليون مسافر سنويًا، ويصل مع نهاية المرحلة الثالثة عام 2025 إلى 200 مليون مسافر، حينها سيكون مطار إسطنبول الدولي الجديد قادرًا على استيعاب 3500 رحلة طيران يوميًا الى 350 وجهة عبر 150 شركة طيران.
ويدير المطار 3 أبراج مراقبة إلكترونية وثمانية أبراج تحكم ارضي وسيتسع لنحو 500 طائرة في آن واحد عبر المساحة المخصصة لها والبالغة مجتمعة 6.5 مليون متر مربع. تتوزع عمليات الإقلاع والهبوط لتلك الأعداد الغفيرة من الطائرات على مدرجين مستقلين في البداية تصل إلى ستة بنهاية عام 2025.
أما الجسور المخصصة لركاب الطائرات فتبلغ 88 جسرًا وتصل إلى 165 مع نهاية المرحلة الثالثة من المشروع، ويتوزع الركاب على أربع صالات مستقلة عن بعضها البعض ترتبط فيما بينها بسكك حديدية للقطارات.
تبلغ مساحة المنطقة الحرة والمحلات داخل المطار 100 ألف متر مربع، ويوفر عند افتتاحه في المرحلة الأولى 100 ألف وظيفة وتصل إلى 223 ألف لاحقًا.
الجدير بالذكر أن مشروع مطار إسطنبول الدولي الجديد سيقدم لخزينة الدولة سنويًا 73 مليار ليرة تركية، أي أنه يساهم بــ 5 من الناتج الإجمالي للبلاد، فيما استعملت فيه أحدث أنظمة الأمن والحماية، مع رادارات أرضية تستعمل لأول مرة، وكاميرات مراقبة تسمح بمراقبة كل متر وزاوية منه.