واجه محافظ البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي الكثير من الصعوبات أثناء محاولته لإنعاش اقتصاد الاتحاد الأوروبي منذ بداية 2016، وتمثلت هذه الصعوبات في الحكومات المحلية الغير متعاونة، والتي ترفض تبني سياسات واتخاذ إجراءات تعمل على التحفيز المالي للاقتصاد، قام البنك المركزي الأوروبي بتقليل معدل الفائدة بنسبة 0.05% في سبتمبر 2016، ونتج عن ذلك اتخاذ اليورو اتجاه للانخفاض، ويوجد أيضاً توقعات بزيادة معدل الفائدة عن طريق بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بالإضافة إلى زيادة معدلات النمو في إسبانيا وفرنسا، كما لازالت هناك عوائق كثيرة تعمل ضد النمو الإقليمي، يُعتبر حاملي الديون السياسية المحلية من أكبر التحديات التي تواجه النمو الاقتصادي في منطقة اليورو، وتحتاج هذه الصعوبات إلى القيام بتدابير مالية نقدية جذرية، وعلى الرغم أنه من المبكر الحكم على التأثير بعيد المدى للسياسات المتغيرة، فإن النتائج والإنجازات قصيرة المدى تبين نتائج متباينة.
بعد مرور فترة على إطلاق البنك المركزي الأوروبي برنامج التيسير الكمي نستطيع تقييم بعض النتائج، يهدف البنك المركزي الأوروبي لتحقيق معدل تضخم 2% حتى يستطيع الحفاظ على أفضل مستوى استقرار في الأسعار دون الوقوع في مخاطر الانكماش الاقتصادي، ولكي يستطيع تحقيق هذا الهدف قام البنك المركزي الأوروبي بتنفيذ برنامج التيسير الكمي عن طريق شراء أصول بقيمة 60 مليار يورو شهريا، بداية من مارس 2015 وحتى نهاية سبتمبر 2016.
معيقات تواجه البنك المركزي الاوروبي في عملية التيسير الكمي
من العوائق الأخرى التي واجهت البنك المركزي الأوروبي هي التقشف والقواعد الصارمة، والتي منعت البنك المركزي الأوروبي من تنفيذ عمليات الشراء الكبيرة في وقت سابق، هذا وفي أثناء شهور الصيف يصعب تنفيذ عمليات الشراء لأن الإجازات تتسبب في تقليل المتاح للشراء من الأصول، علاوة على ذلك فإن معاهدة ماستريخت نفسها تحدد نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي والتي سوف تحد من تحقيق الأهداف الشرائية، ويرجع سبب هذا ببساطة إلى تردد الحكومات عند طلب قروض حتى مع وجود معدلات إقراض منخفضة أو متناقصة، أضف إلى هذا أن البنك المركزي الأوروبي ربما لن يقوم بشراء سندات مالية ذات سعر فائدة أٌقل من 0.2%، ولهذا يعتقد البعض أن المعروض سوف يستمر في الانخفاض بالمزامنة مع انخفاض العائدات.
مؤشرات ايجابية للبرنامج التيسيير الكمي
لقد تحسنت مستويات التضخم والتوظيف بصورة كبيرة في القارة الأوروبية منذ البدء في تطبيق برنامج التيسير الكمي، وارتفع مستوى الإقراض، ولكن السؤال هل يرجع كل هذا النجاح إلى برنامج التيسير الكمي، فعلى سبيل المثال بدأت معدلات التضخم في التراجع قبل البدء في تنفيذ برنامج التيسير الكمي؛ بسبب ضعف اليورو نتيجة لأسباب خارجية، في الحقيقة ربما تسببت تنافسية الصادرات الأوروبية وسعرها المنخفض في زيادة معدلات التوظيف والإنفاق والتجارة، ولأن التضخم لازال يعتبر بعيد عن النسبة المستهدفة 2% وربما تكون القفزات قصيرة المدى مجرد قفزات لحظية.
المؤشرات الأولية إيجابية فعلاً ومعدل التضخم والإقراض مستمران في التحسن، وقد تشهد المنطقة نمو حقيقي، ولكن من السيناريوهات السيئة التي من الممكن أن تحدث هو تحويل البنوك للسيولة النقدية اتجاه البورصة عوضاً عن تشجيع القروض ذات الفائدة المنخفضة، وبذلك تكون قد سحقت الفوائد المحتملة للسياسات النقدية المتراخية.