أدت الظواهر الجوية الناتجة عن تغير المناخ، ومنها الجفاف وموجات الحر والأمطار الغزيرة، في تدمير الكثير من محاصيل القطن في العالم، مما أدى لحدوث نقص في المعروض من القطن، ليصل إلى أدنى مستوياته في 10 سنوات. هذا يعني أن العديد من المنتجات التي يدخل القطن في صناعتها تنتظر موجة ارتفاعات جديدة. في هذا المقال نتناول أسباب ارتفاع سعر القطن بشيء من التفصيل ونتناول توقعات الأسعار خلال الشهور القادمة.
نظرة على سعر القطن
ارتفعت أسعار القطن حول العالم بشكل ملحوظ وقفزت أكثر من 12 في المائة في دولة الهند في أغسطس بينما تم تداول الأسعار العالمية يوم الأربعاء الماضي عند أعلى مستوى لها في سبعة أسابيع، وقد وصلت لمستوى ليس بعيدًا عن أعلى مستوياتها التي وصلت إليه في وقت سابق من هذا العام. وقد ارتفعت أسعار القطن بنسبة تصل إلى 30 في المائة منذ بداية العام.
في وقت سابق من هذا العام، ارتفعت أسعار القطن إلى 110.000 روبية بسبب ارتفاع الطلب الإجمالي من قطاع المنسوجات. لكن قبل شهر بالضبط، انخفضت أسعار القطن إلى 80000 روبية إلى 85000 روبية بسبب انخفاض الطلب. ومع ذلك، فإن التوافر المحدود للقطن في السوق قد أدى مرة أخرى إلى رفع الأسعار. وقد ارتفعت العقود الآجلة للقطن في نيويورك لتسليم ديسمبر بنسبة 4.5٪ لتصل إلى 1.1359 دولار للرطل وارتفعت أكثر من 21٪ هذا الشهر.
لماذا يرتفع سعر القطن؟
في مكالمة مع المستثمرين الأسبوع الماضي، وصفت جين إلفرز، الرئيس التنفيذي لشركة Children’s Place، الارتفاع في أسعار القطن بأنه “مشكلة ضخمة وكبيرة بالنسبة لنا” وقالت إن الشركة كانت تأمل في بعض الراحة في النصف الثاني من العام. ويعود ارتفاع أسعار القطن لعدة أسباب رئيسية:
-
الظروف المناخية
يعتبر الطقس القاسي هو السبب الرئيسي في إحداث عدم الإتزان في إمدادات القطن لدى معظم أكبر موردي القطن في العالم. فمثلا في الهند، وهي المنتج الرئيسي للقطن، تسببت الأمطار الغزيرة والآفات في عدم وجود محاصيل من القطن لدرجة أن الهند الآن تستورد.
كذلك تثير موجة الحر في الصين مخاوف بشأن موسم الحصاد القادم. أما في الولايات المتحدة ، التي تعتبرأكبر مصدر للسلعة، يؤدي الجفاف المتفاقم إلى تدمير المزارع ومن المقرر أن ينخفض الإنتاج إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من عقد بنسبة 28 في المائة في الموسم الذي بدأ هذا الشهر.
وفي البرازيل، التي تعتبرثاني أكبر مصدر، هناك الحرارة الشديدة والجفاف اللذان تسببا في خفض المحاصيل بنحو 30 في المائة. حيث أدى الجفاف هناك إلى تدمير ما يقدر بنحو 200000 طن متري من الإمدادات، وفقًا لمجموعة Abrapa ، التي تمثل المزارعين.
تتوقع الولايات المتحدة أن يصل الإنتاج إلى أدنى مستوى له منذ موسم 2009-2010، مما يؤدي إلى انخفاض المخزونات إلى أدنى مستوياتها التاريخية، بسبب الجفاف الذي أصبح شديدًا لدرجة أن الحكومة الأمريكية تقنين المياه من نهر كولورادو. ومن المعروف أن الولايات المتحدة والبرازيل يشكلا معًا نصف صادرات القطن في العالم.
-
آفات المحاصيل
تشير التقارير الأولية إلى تلف المحاصيل في ولاية ماهاراشترا وهناك مخاوف بشأن هجمات الذبابة البيضاء على المحصول في البنجاب وهاريانا.
-
المضاربة في الأسواق
فعلى الرغم من أن سعر القطن قد هدأ في السوق العالمية، إلا أنه يستمر في التداول بعلاوة في الهند. وقد وجهت أسعار المضاربة في السوق الهندية ضربة كبيرة لسوق التصدير عالميا، حث كان التجار ينتظرون أن تكمل أسعار القطن انخفاضها بعد تراجع الطلب، لكن الأسعار في الهند تؤثر على الأسعار العالمية للقطن بشكل كبير.
انخفاض معدل الطلب غير قادر على خفض الأسعار
إن الطلب على صناعة النسيج آخذ في الانخفاض في هذه المرحلة بسبب ارتفاع أسعار القطن. وبالتالي فإن صناع النسيج والورقيات سيقومون بشراء القطن على أساس متطلباتهم بدلاً من شراءه لتخزينه كما في السابق.
تتوقع الحكومة الأمريكية والمحللون انخفاضًا في الطلب على القطن بسبب انخفاض مشتريات الملابس وتباطؤ الاقتصادات، خاصة في أوروبا وآسيا.
كما أظهرت البيانات الأسبوعية لوزارة الزراعة الأمريكية استمرار ضعف الصادرات الأمريكية من القطن خلال الأسبوع المنتهي في 11 أغسطس الماضي، في ظل إلغاء عقد كبير من جانب فيتنام إحدى الدول الآسيوية الرئيسية المستوردة للقطن الأمريكي. وبحسب بيانات إدارة الجمارك الصينية فإن واردات الصين من القطن تراجعت خلال الشهر الماضي بنسبة 17% سنويا.
على الرغم من ذلك، مازال أعلى بنسبة 17% عن مستواه في نهاية الشهر الماضي.
ما الذي ترتب على ارتفاع سعر القطن؟
لقد أدى ارتفاع أسعار القطن، وضعف الطلب على الملابس، وتزايد التكدس في المصانع إلى إجبار مصانع غزل القطن في جميع أنحاء البلاد على النظر في وقف الإنتاج اعتبارًا من يوم الاثنين الماضي.
هذا بالإضافة إلى أن هناك تهديدات تلوح في الأفق برفع تكاليف كل شيء بداية من الملابس إلى الحفاضات إلى الورق والكرتون.
هل يستمر سعر القطن في الارتفاع؟
حتى لا يتعرض المزارعون البرازيليون للصدمة لموسم آخر،
من المقرر أن يزيد المزارعون البرازيليون مساحات زراعة القطن الخاصة بهم بمقدار 100000 هكتار إلى 1.7 مليون هكتار لموسم 2022-2023، وذلك مع بدء الزراعة في يناير.
ومن المتوقع أن يحد هذا من ارتفاع الأسعار خلال العام القادم.
وعلى الرغم من أن محصول القطن في الهند قد تجاوز 12 مليون هكتار هذا الموسم،
إلا أن الأسعار لا تزال تحوم حول 91000 روبية إلى 96000 روبية.
لذا من غير المرجح أن تهدأ الأسعار حتى بتم طرح محصول القطن في السوق في أكتوبر القادم.
وعلى الرغم من أن محاصيل القطن الطازج في باكستان وتركيا بدأت في الدخول إلى السوق ،
لكن صناعة النسيج العالمية تنتظر حصاد القطن في الهند والصين والولايات المتحدة التي ستحدد الأسعار الدولية في الأشهر المقبلة.
على الجانب الآخر، قال أحد المحللين أنه على الرغم من زيادة مساحة القطن في جميع أنحاء البلاد،
فمن غير المرجح أن تنخفض الأسعار إلى أقل من 70000 روبية حتى بعد وصول القطن للأسواق،
حيث من المرجح أن يظل إنتاج محصول القطن في الولايات المتحدة والصين منخفضًا.