شهدت أصول الملاذ الآمن ارتفاعات تاريخية بعد أن شنت روسيا غزوًا لأوكرانيا، حيث هرب المستثمرون من الأصول الخطرة واتجهوا نحو الأمان. وقد أتت هذه التحركات مع خسائر أسواق الأسهم في آسيا وأوروبا، وكذلك خسائر العملات المشفرة. فما هي أبرز الملاذات الآمنة التي يمكن الاستثمار فيها خلال تلك التوترات؟
تعريف الملاذات الآمنة
تعرف الملاذات الآمنة على أنها ذلك الاستثمار الآمن في حالة حدوث أزمة أو كساد.
وهي أصول ذات مخاطر منخفضة وسيولة مرتفعة وتحافظ على قيمتها أو ترتفع في حالة حدوث أي اضطراب في الأسواق،
حيث يقبل عليها المستثمرون في حالة تزايد المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية
مثلما حدث في الحرب الروسية الأوكرانية.
ولا تهدف الملاذات الآمنة إلى جني الأموال في المقام الأول، بل تهدف إلى تفادي فقدان الأموال.
تتمثل الملاذات الآمنة في المعادن الثمينة كالذهب والفضة، والسندات السيادية التي تصدر من طرف دولة قوية اقتصاديا وات تصنيف ائتماني قوي يمكنها من الوفاء بالتزاماتها،
كما تأتي بعض العملات في قائمة الملاذات الآمنة،
مثل الدولار الأمريكي الذي يعتبر عملة الاحتياطي العالمي،
والفرنك السويسري الذي يعبر عن استقرار النظام المالي
أو الين الياباني الذي له مخاطر تاريخية قليلة مقابل عوائد منخفضة.
أولا: المعادن الثمينة
سجلت المعادن الثمينة ارتفاعات ملحوظة منذ توارد الأنباء حول وجود غزو روسي أوكراني،
وقد ارتفعت يوم الخميس لمستويات تاريخية، ومن أبرز المعادن الثمينة:
-
الذهب
للذهب عدة خصائص، جعلته ملاذا آمنا في أوقات الأزمات، فهو حافظ للثروة، مخزن للقيمة، قليل المخاطرة والعائد، وسريع السيولة، وتؤكد نظرية التمويل أن هناك علاقة عكسية بين انخفاض الأسواق المالية وارتفاع الاستثمارات البديلة الآمنة كالذهب، فسعر الذهب يدفع من طرف مؤشر الخوف، وذلك لوجود عالقة سببية ثنائية الاتجاه بين الخوف والذهب.
وقد ارتفع سعر الذهب إلى أعلى مستوى في عام ونصف بعد الغزو الروسي، حيث ارتفع الذهب الفوري بنسبة 0.9 ٪ إلى 1923.86 دولار للأونصة، وقفزت العقود الآجلة للذهب في بورصة نيويورك للسلع “كومكس” بنسبة 1.96% إلى 1,947.90 دولار أمريكي للأوقية، وفقًا لبيانات رويترز. ورغم التراجع الذي حدث في نهاية تداولات الخميس الماضي، حيث يتم تداوله حاليا عند سعر 1888 دولارا إلا أنه مجرد هبوط تصحيحي وربنا يعاود الارتفاع لمستويات تاريخية.
وبالمناسبة، تمتلك روسيا حاليًا 635 مليار دولار من احتياطيات الذهب، والتي قالت إنها ستحميها من العقوبات.
-
الفضة
أما أسعار الفضة فقد شهدت انتعاشا كبيرا منذ بداية التوترات لترتفع بحوالي 4.5% بالسوق الأوروبية يوم الخميس الماضي مسجلة أعلى مستوى فى ستة أشهر. ورغم أن الأسعار تراجعت يوم الجمعة إلا أن ذلك بفعل استمرار عمليات التصحيح وجني الأرباح، لكن مازال المعدن الأبيض فى طريقه لتحقيق رابع مكسب أسبوعي على التوالي.
-
البلاديوم
قفزت أسعار البلاديوم إلى أعلى مستوياتها في سبعة أشهر يوم الخميس الماضي مع تصاعد مخاوف تعطل الإمدادات بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تعتبر روسيا من أكبر موردي البلاديوم.
ثانيا: العملات الأجنبية
يتمتع عدد من العملات الأجنبية بكونهم أصول للملاذ الآمن وقد أثبتت جدارتها في كثير من الأزمات،
وتشمل هذه العملات؛ الدولار والفرنك السويسري والين الياباني،
حيث ارتفع مؤشر الدولار يوم الخميس الماضي، بنسبة 0.869 ٪ وكان في طريقه لتحقيق أكبر مكاسب يومية منذ مارس 2020، عندما كانت الأسواق الأمريكية في خضم الموجة الأولى من جائحة COVID-19. وقد وصل الدولار إلى أعلى مستوى عند 97.740 مقابل سلة من العملات الرئيسية،
وهو أعلى مستوى له منذ 30 يونيو 2020.
وغذت التكهنات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يكون أقل عدوانية في تشديد السياسة في اجتماعه في مارس.
وعلى الجانب الأخر انخفضت التوقعات الخاصة برفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى 7.5٪
مما أدى لبعض التراجع في الدولار في نهاية تداولات الجمعة الماضية.
لكن على كل حال يعتبر الدولار من أقوى الملاذات الآمنة كونه يمثل عملة الاحتياطي العالمي.
بينما عزز الين الياباني موقعه إزاء الدولار،
وبلغ الفرنك السويسري أعلى قيمة له منذ خمسة أعوام إزاء اليورو “العملة الأوروبية الموحدة”.
وقد برز اليوان الصيني كعملة ملاذ آمن بسبب مرونته مع تعثر الأسواق العالمية
لا سيما بعد انخفاض ارتباط اليوان بالتقلبات العالمية إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات في وقت سابق من الأسبوع الماضي، وهو ما يشكل أساساً لمكانه كملاذ آمن.
ثالثا: السندات الحكومية
وخاصة سندات الخزانة الأمريكية، حيث ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية خلال تداولات الأسبوع الماضي منذ بداية التوترات الجيوسياسية بالأسواق.
وفي نهاية تعاملات الأسبوع، ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 1.944%،
وارتفع العائد على السندات لأجل عامين إلى 1.545%،
في حين ارتفع العائد على السندات لأجل 30 عاما إلى 2.249%.
هل تعتبر العملات الرقمية من الملاذات الآمنة ؟
كانت العملات الرقمية وخاصة البيتكوين يتم تداولها لسنوات على أنها من الأصول ذات الملاذ الآمن.
حتى أنه كان يشار إليها من قبل مؤيدوها باسم “الذهب الرقمي” وجادلوا بأنها أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية وأنها من الأصول التي جب الاستثمار فيها وقت الأزمات.
لكن يبدو أن الوضع تغير تماما،
فقد خسر سوق العملات المشفرة بالكامل 200 مليار دولار بعد غزو روسيا لأوكرانيا
حيث تخلص المستثمرون من الأصول الأكثر خطورة.
وفي وقت كتابة هذا التقرير كانت البيتكوين تتداول مقابل 36،034.84 دولارًا ، وفقًا لـ CoinMarketCap بنسبة تراجع 5.2 ٪ في غضون 48 ساعة.