يعتبر الفرنك السويسري من عملات الملاذ الآمن، بسبب استقرار الحكومة السويسرية ونظامها المالي. وفي الآونة الأخيرة، اكتسبت العملة قيمة حيث أثار اكتشاف متغيرات Covid-19 والحرب الروسية الاوكرانية والخوف من اضطرابات توزيع الطاقة قلق المستثمرين، مما أدى إلى زيادة التدفقات إلى أصول وعملات الملاذ الآمن مثل الفرنك السويسري. وفي هذا المقال سنلقي نظرة على أداء الفرنك السويسري خلال العام الجاري وأهم العوامل المحددة لأداءه والتوقعات المستقبلية المحتملة.
نظرة على أداء الفرنك السويسري مقابل العملات خلال 2022
ارتفع الفرنك السويسري مقابل كل نظير من العملات الرئيسية منذ عام حتى الآن، باستثناء الدولار الأمريكي (USD / CHF) والدولار الكندي (CAD / CHF).
كان أداء الفرنك أفضل مقابل الين الياباني، حيث ارتفع الزوج (فرنك سويسري / ين ياباني) بنسبة 18٪ منذ بداية العام حتى الآن، وسط تباعد متزايد في أسعار الفائدة. ونتيجة لأزمة التضخم والحالة السيئة للاقتصاد البريطاني، انخفض الجنيه الإسترليني من حيث القيمة مقارنة بالفرنك السويسري (GBP / CHF) بنحو 13٪.
وكان أداء اليورو أيضًا ضعيفا بشكل خاص مقابل الفرنك السويسري في الأشهر التسعة الأولى من العام، حيث انخفض الزوج (يورو / فرنك سويسري) من 1.08 إلى 0.95.
ما سر التحول الأداء الإيجابي للفرنك السويسري؟
لم يكن سبب التحول الإيجابي في أداء الفرنك السويسري على مدار الشهور الماضية فقط بسبب اتجاه المستثمرين للابتعاد عن المخاطرة والتجاه نحو عملات الملاذ الآمن مثل الفرنك السويسري، ولكن السبب الأهم من ذلك هو الموقف المتشدد للبنك المركزي السويسري. حيث رفع البنك الوطني السويسري أسعار الفائدة من -0.75٪ إلى -0.25٪ في يونيو، مما فاجأ السوق، الذي كان يتوقع أن تظل أسعار الفائدة دون تغيير.
كانت هذه أول زيادة لسعر الفائدة منذ عام 2007، وذكر البنك الوطني السويسري أيضًا أنه مستعد للتدخل في سوق الصرف الأجنبي إذا لزم الأمر لمواجهة ضعف الفرنك. وقد أظهر بيان سياسة البنك المركزي السويسري لشهر يونيو بوضوح تفاؤلًا بين أعضاء مجلس الإدارة، ويمكننا أن نتوقع أن يواصل البنك الوطني السويسري رفع أسعار الفائدة بشكل كبير للأسباب التالية.
لماذا لجأ البنك السويسري لرفع سعر الفائدة؟
كان البنك الوطني السويسري (SNB) قد قال سابقًا إن ارتفاع التضخم لا يستدعي رفع سعر الفائدة ، كما رأينا في الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى. ولكن مع ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك لشهر مايو (CPI) إلى 2.9٪، فقد صدم البنك المركزي السويسري السوق برفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ عام 2007 ، وزادها بمقدار 0.50٪ فوق مستوى منطقة اليورو.
كان التضخم في أغسطس الماضي في سويسرا (3.5٪ على أساس سنوي) وهو أعلى بكثير من هدف البنك المركزي السويسري والذي كان (0-2٪) والأعلى منذ 29 عامًا، بينما كانت البطالة 2٪ ، وهي الأدنى منذ نوفمبر 2001. لذا أعطت هذه البيانات الضوء الأخضر للبنك المركزي السويسري لرفع أسعار الفائدة بشكل حاسم، مع الأخذ في الاعتبار أيضًا المسار المتشدد للاحتياطي الفيدرالي.
هذا بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البعد عن المخاطرة العالمية وارتفاع المخاطر السياسية الناجمة عن الانتخابات الإيطالية، لذا يمكن أن يكون رفع سعر الفائدة من البنك المركزي السويسري بمثابة حافز على المدى القريب لارتفاع الفرنك السويسري.
هل يستمر البنك المركزي السويسري في دعم الفرنك؟
صرح البنك الوطني السويسري بأنه سيستخدم احتياطياته الكبيرة من العملات الأجنبية من أجل الحفاظ على استقرار الأسعار، وقد تم تقييمها عند 884.38 مليار فرنك سويسري (803.98 مليار جنيه إسترليني) في نهاية الربع الثاني.
وهذا يعني أن البنك الوطني السويسري سيقوم ببيع العملات الأجنبية وشراء الفرنك في حالة استمرار أي خسائر في أسعار الصرف السويسرية، وهو ما سيحافظ على سعر الفرنك السويسري ثابتا على الأقل أمام العملات الأخرى إذا لم يرتفع.
من المحتمل أن تشمل هذه العملات الدولار والجنيه واليورو لأن هذه العملات توجد ضمن محفظة الاحتياطي للبنك المركزي السويسري، كما أن اقتصادات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوروبا لديها معدلات تضخم تتناسب مع مضاعفات أهداف البنك المركزي الخاصة بها.
يقول كريس تورنر، رئيس الأسواق العالمية والمدير الإقليمي للبحوث في المملكة المتحدة: “نعتقد أن البنك الوطني السويسري هو الذي يؤثر على انخفاض اليورو مقابل الفرنك وإذا حدث أي ارتفاع في زوج اليورو مقابل الدولار فسوف يقوم البنك ببيع اليورو على الفور.
العوامل الأخرى الداعمة للفرنك
إن التوقعات الاقتصادية لجيران سويسرا ليست جيدة.
ففي يوليو، خفضت المفوضية الأوروبية توقعاتها الخارجية للنمو في منطقة اليورو بـ 2.6٪ في عام 2022 و 1.4٪ في عام 2023، بسبب تأثير الحرب في أوكرانيا.
ويتوقع سيرجيو روسي، أستاذ الاقتصاد بجامعة فريبورغ، أنه ستواجه دول منطقة اليورو صعوبات اقتصادية كبيرة في الأشهر المقبلة”. ومن المرجح أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي لسويسرا بحوالي 2٪ وذلك بسبب التطورات الاقتصادية القادمة، فمن المرجح استمرار التباطؤ الاقتصادي في الخارج واستمرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في الدول الأوروبية مع توافر الطاقة في سويسرا.
توقعات الفرنك السويسري
بالنظر إلى هذا الوضع، يتفق المحللون على أن الفرنك سيبقى مرتفعًا مقابل اليورو في الأشهر المقبلة، حيث يرى Credit Suisse أن سعر صرف الفرنك السويسري سيبلغ 0.96 فرنك سويسري مقابل اليورو في غضون ثلاثة أشهر، بينما يتوقع Lombard Odier سعر صرف اليورو مقابل الفرنك عند 0.93 في غضون 12 شهرًا.
لكن على الجانب الآخر، رغم رفع البنك المركزي السويسري لسعر الفائدة، إلا أن الدولار الأمريكي شهد ارتفاعا بشكل كبير مقابل الفرنك السويسري خلال جلسة تداول الخميس 22 سبتمبر مما جعل المحللون يتوقعون أن يصل الزوج لمستوى التكافؤ، وإذا وصل الزوج لمستوى التكافؤ، فمن المحتمل أن يستمر الدولار الأمريكي في الارتفاع.
وأخيرا، من المهم أن تضع في اعتبارك أن أسواق الفوركس متقلبة للغاية. لذا يمكن أن تكون توقعات المحللون خاطئة. وبالتالي إذا كنت تفكر في تداول أزواج العملات فيجب متابعة آخر الأخبار والتحليلات الفنية والأساسية وتعليقات المحللين قبل اتخاذ أي قرار تداول.
إفصاح:
يعتبر المحتوى أعلاه بمثابة تعليق على السوق ولا يجب اعتباره بحثًا استثماريًا أو نصيحة استثمارية مستقلة.