شهدت العقود الآجلة للنفط الخام ارتفاع كبير في عام 2022 مع عودة الطلب على الوقود بسبب انتعاش حركة للسفر، كما أدى الغزو الروسي لأوكرانيا وتخفيضات الإنتاج من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم إلى تقلص الإمدادات. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت فوق 139 دولارًا للبرميل في مارس مع غزو روسيا لأوكرانيا. لكن مع اقتراب العام من نهايته، تخلت العقود الآجلة للخام الأمريكي وخام برنت عن جميع مكاسب العام. وفي هذا المقال نستعرض أبرز العوامل التي أدت لانخفاض أسعار النفط.
أسعار النفط تواصل انخفاضها
انخفض النفط بأكثر من دولارين للبرميل يوم الجمعة الماضية، وسط انخفاض كبير في الأسهم العالمية بسبب تصاعد المخاوف من ركود يلوح في الأفق، وذلك بعد أن أشارت البنوك المركزية في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية، إلى أنها ستستمر في محاربة التضخم بقوة.
واستقرت العقود الآجلة لخام برنت عند 79.04 دولارًا للبرميل، منخفضة 2.17 دولارًا أو 2.4 في المائة، في حين تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 1.82 دولار، أو 2.4 في المائة ، لتبلغ عند التسوية 74.29 دولارًا للبرميل.
لماذا تنخفض أسعار النفط؟
-
انخفاض الطلب على الوقود
تعتبر الصين هي أكبر مستورد للخام في العالم وثاني أكبر دولة مستهلكة للنفط، فهي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة. لكن في عام 2022، أدى التدخل الحكومي الصارم للسيطرة على حالات الإصابة بفيروس كورونا إلى انخفاض حاد في الإنتاج الصناعي والاقتصادي وكذلك انخفاض الطلب على السفر.
ووفقا لتقديرات المحللين، أدت الإجراءات التي اتخذتها الصين إلى انخفاض الطلب على النفط بما يصل إلى 30٪ إلى 40٪ في الصين.
وقد انخفض الطلب على أنواع الوقود المختلفة رغم بدء فصل الشتاء في أوروبا، بما في ذلك نواتج التقطير مثل زيت التدفئة، المستخدم في توليد الطاقة وتدفئة المنازل، حيث كان الشتاء معتدل وهذا على عكس ما كان متوقع.
انخفض النشاط الاقتصادي العام أيضًا في جميع أنحاء العالم، وعلى الأخص في الصين ولكن أيضًا في الولايات المتحدة.
-
ارتفاع الدولار وارتفاع معدل التضخم
فقد أدى التضخم المتزايد في جميع أنحاء العالم إلى قيام البنوك المركزية بقيادة البنك الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بهدف تهدئة الاقتصاد وسوق العمل.
ونتيجة لذلك، أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة قيمة الدولار الأمريكي،
مما ضغط على أسعار النفط حيث أن ارتفاع الدولار يجعل السلعة المقومة بالدولار الأمريكي أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى.
-
تلاشي مخاوف التوريد
قررت أوبك +، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاءها ومن بينهم روسيا،
في أكتوبر خفض إنتاجها المستهدف بمقدار مليوني برميل يوميا بداية من نوفمبر حتى نهاية عام 2023،
مما أثار غضب الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.
وقالت أوبك + إنها خفضت الإنتاج بسبب التوقعات الاقتصادية الضعيفة،
لكن تلك الخطوة لم تدعم الأسعار. حيث كانت حوالي نصف تخفيضات أوبك على الورق فقط.
وقالت وكالة الطاقة الدولية بأن الصادرات الروسية من النفط استمرت في الارتفاع على الرغم من تنبؤاتها المتكررة بأن المقاطعة الدولية ستؤدي إلى خفض الشحنات.
وصعدت شحنات النفط في موسكو إلى أعلى مستوى لها في سبعة أشهر عند 8.1 مليون برميل يوميًا في نوفمبر.
في غضون ذلك، انتعش الإنتاج الأمريكي، ونما الإنتاج المحلي ببطء، لكنه وصل مؤخرًا إلى 12.2 مليون برميل يوميًا،
وهو أعلى مستوى منذ الموجة الأولى من جائحة فيروس كورونا في مارس 2020.
هل تظل أسعار النفط منخفضة؟
قالت وكالة الطاقة الدولية إن أسعار النفط قد ترتفع العام المقبل، بناءا على عدة أسباب:
-
العقوبات على الإمدادات الروسية
أقرت الحكومة السويسرية مزيدا من العقوبات ضد روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا،
تماشيا مع أحدث إجراءات الاتحاد الأوروبي بشأن النفط الخام والمنتجات البترولية الروسية، حسبما ذكر مجلس الوزراء.
وتحظر العقوبات الإضافية نقل النفط والنفط الروسي المباع فوق الحد الأقصى للسعر الذي تم فرضه في وقت سابق من هذا الشهر لخدمات التجارة والسمسرة.
وكانت الحكومة السويسرية قد قالت في الثامن من ديسمبر إنها ستتبنى حدا أقصى لسعر النفط الخام الروسي عند 60 دولارا للبرميل. ودخلت العقوبات الإضافية حيز التنفيذ مساء الجمعة الماضية.
وقالت وكالة الطاقة الدولية أن إنتاج روسيا يستعد للهبوط بنسبة 14٪ بنهاية الربع الأول.
وإذا صحت هذه التوقعات، فقد يعكس هذا الاتجاه الأخير في العقود الآجلة للنفط،
والتي تراجعت إلى 80 دولارًا للبرميل بعد أسوأ انخفاض أسبوعي لها في أربعة أشهر.
-
نمو الطلب على النفط
وقد توقعت كالة الطاقة الدولية أن يرتفع الطلب العالمي على النفط في عام 2023 بمقدار 300 ألف برميل يوميًا وسط نمو قوي للطلب في الهند والصين.
وسيرتفع الاستهلاك 1.7 مليون برميل يوميا العام المقبل بمتوسط 101.6 مليون برميل يوميا.
-
تخفيض الانتاج الأمريكي من النفط
خفضت شركات الطاقة الأمريكية حفارات النفط بأكبر قدر هذا الأسبوع منذ سبتمبر،
مما خفض إجمالي انتاج النفط والغاز للأسبوع الثاني على التوالي حيث ظلت أسعار الخام سلبية لهذا العام.
وقالت شركة خدمات الطاقة بيكر هيوز في تقريرها الذي يحظى بمتابعة وثيقة يوم الجمعة الماضية إن عدد منصات النفط والغاز الأمريكية،
انخفض بمقدار أربعة إلى 776 في الأسبوع المنتهي في 16 ديسمبر.
توقعات أسعار النفط في عام 2023
توقعت شركة JP Morgan أن يبلغ متوسط سعر نفط خام برنت حوالي 90 دولارًا للبرميل في عام 2023.
وتوقع الاقتصاديون في بنك جولدمان ساكس أنه إذا أنهت الصين سياسة الإغلاق،
فقد يرتفع النفط إلى 125 دولارًا للبرميل.