أزمة الغاز في أوروبا تهز الآفاق الاقتصادية للبلاد

311

تواجه أوروبا الآن أزمة طاقة غير مسبوقة وهو ما قد يدفع الاقتصاد نحو الركود، لكن برزت على الساحة أسئلة جادة حول طموحات المنطقة بشأن تغير المناخ وتأثير نقص الإمدادات على إقتصادها. وفي هذا المقال نلقي نظرة على كيفية قيام روسيا بمنع إمدادات الغاز إلى أوروبا وما يعنيه هذا للمستقبل بالنسبة لأوروبا و أسعار الغاز .

أسعار الغاز في أوروبا

في الأوقات العادية، يستخدم الاتحاد الأوروبي حوالي 4.3 مليار ميغاواط في الساعة من الغاز الطبيعي.
وبالتالي، إذا ارتفعت الأسعار بمقدار 100 يورو لكل ميجاوات لمدة عام واحد فستزيد التكاليف بنحو 430 مليار يورو (437 مليار دولار) –
أي ما يعادل 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي لعام 2021.

وقد ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي القياسية الأوروبية في منشأة تحويل الملكية الهولندية (TTF) بنسبة 15٪ لتصل إلى ما يقرب من 200 يورو لكل ميغاواط / ساعة،
مما أثار مخاوف من أن المستهلكين وأصحاب الصناعات سيواجهون صعوبة في دفع فواتير الطاقة الخاصة بهم مما يتسبب في ركود

جدير بالذكر أن استهلاك الغاز في الاتحاد الأوروبي قد انخفض بنسبة 4٪ على أساس سنوي في عام 2020
بينما انخفض الطلب على النفط بنسبة 12٪ والفحم بنحو 25٪.
وقد وصلت أسعار الغاز إلى أدنى مستوياتها التاريخية في منتصف عام 2020.

كيف بدأت أزمة الغاز في أوروبا؟

منذ غزو أوكرانيا، فرضت الدول الغربية عقوبات على النفط والغاز الروسي،
مما أدى إلى تحذيرات من الانتقام من موسكو. وبالفعل قامت روسيا بتقليص الإمدادات ومنعها عن دول أخرى،
حيث طالب الرئيس فلاديمير بوتين الدول “غير الصديقة” في أوروبا بدفع ثمن الغاز بالروبل الروسي.
وقد رفضت بولندا وبلغاريا وفنلندا القيام بذلك مما دفع روسيا لقطع إمداداتها.
لكن تدفع العديد من شركات الطاقة الأوروبية ثمن الغاز عبر حسابات بنكية روسية، والتي تحول اليورو إلى روبل.

وتؤكد البيانات الواردة من نورد ستريم، المشغل المسؤول عن خط الأنابيب الذي يربط روسيا بألمانيا، وجود كميات أقل من الغاز  المصدر والمتجه إلى الغرب. كما أن الأوروبيين بدأوا يشكون من أن شركة غازبروم الروسية المملوكة للدولة لم تعد مزودا موثوقا به.

 فمثلا؛ في الأسبوع الماضي وحده، تم تخفيض الإمدادات عبر خط الأنابيب إلى 20٪ من أصل  40٪ في نفس الوقت الذي اعتذرت فيه شركة غازبروم بحجة وجود مشكلات الصيانة. وقال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إن العذر التقني لشركة جازبروم يعتبر “مهزلة”.

ووفقًا للمفوضية الأوروبية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، فإن 12 دولة عضو تعاني بالفعل من انخفاض تدفقات الغاز، كما تم قطعه عن عدد قليل من الدول الأخرى تمامًا.

ما هي كمية الغاز الروسي التي تستخدمها أوروبا

يمثل انخفاض إمدادات الغاز من روسيا مشكلة لدول الاتحاد الأوروبي نظرًا لأنها تستورد حوالي 40 ٪ من مخزونها من الغاز من البلاد. وتعتبر ألمانيا، وهي أكبر اقتصاد في أوروبا، أكبر مستورد للغاز في عام 2020، تليها إيطاليا، في حين تستورد المملكة المتحدة 4٪ فقط من احتياجاتها من روسيا والولايات المتحدة لا تستورد أي غاز من روسيا.

لماذا تخفض روسيا الإمدادات من الغاز في أوروبا؟

يقول كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي إن روسيا “تبتز” أوروبا و وتستخدم الغاز في الحرب، رغم نفي موسكو مرارا لهذه الاتهامات.

وعلى الأرجح، يبدو أن روسيا تمنع الإمدادات لكلا السببين، حيث يشعر القادة الأوروبيون بالقلق إزاء الإغلاق الكامل للإمدادات، خاصة لأن العديد من الصناعات تستخدم السلعة كمادة خام في عملية التصنيع الخاصة بهم، وهو دليل واضح على ابتزاز روسيا لدول أوروبا.

والرغم من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي بشكل كبير في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، إلا أنه كان مرتفعا قبل ذلك عندما بدأت روسيا في تشديد التدفقات، وذلك إلى مدى أهمية السلعة للعديد من القطاعات ونظراً لعدم وجود بدائل للوقود الأحفوري الروسي.

وقد أشار سالومون فيدلر، الخبير الاقتصادي في Berenberg، إلى أن أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا تعتبر باهظة الثمن حتى من قبل الحرب.

وتقول أوكرانيا إن روسيا تشن “حرب غاز” على أوروبا ، من خلال تقليص الإمدادات مرة أخرى إلى ألمانيا.

أوروبا تسعي لحل أزمة الغاز

في هذا السياق قال قدري سيمسون، مفوض الطاقة في أوروبا، “علينا أن نكون مستعدين ، فقد يكون هناك اضطراب كامل في المستقبل القريب ، وهذا يعني أننا بحاجة إلى وضع خطة”.

وبالفعل كانت هناك جهود للبحث عن موردين بديلين ومصادر مختلفة للطاقة. ومع ذلك، يعد هذا الانتقال مهمة صعبة يستحيل إجراؤها في إطار زمني قصير. ويقول الاتحاد الأوروبي إنه سيخفض واردات الغاز من روسيا بمقدار الثلثين في غضون عام، وبالفعل وافقت الدول الأعضاء على خفض استخدام الغاز بنسبة 15٪ خلال الأشهر المقبلة.

ومع ذلك، ما زال هناك شك حول المكان الذي سيجد فيه الاتحاد الأوروبي بدائل الإمدادات. لكن على الأرجح سيتعين عليها اللجوء إلى منتجين مثل الولايات المتحدة وقطر، اللتين ستشحنان الغاز الطبيعي المسال في ناقلات، لكن لا توجد محطات كافية للغاز الطبيعي المسال في أوروبا. وبالتالي ستكون هذه مشكلة لألمانيا على وجه الخصوص.

كيف تؤثر نقص الإمدادات من الغاز على دول أوروبا؟

DES-152_AL_AR_GlobalGas_VPR_970x90

يمثل الغاز 21.5٪ من استهلاك الطاقة الأولية في الاتحاد الأوروبي. وبالتالي تؤدي أسعار الغاز المرتفعة إلى زيادة تكاليف الشركات وتقليص ميزانيات المستهلكين، حيث تنتقل تلك الأسعار المرتفعة بشكل طبيعي إلى فواتير الطاقة للشركات والأفراد مما يسبب ارتفاع تكاليف المعيشة. مما يجعلهم أقل إنفاقًا على السلع والخدمات الأخرى. ونتيجة لذلك، يتوقع المحللون أن تقع منطقة اليورو في حالة ركود هذا الخريف في ظل ارتفاع معدلات التضخم.

ورغم أن الولايات المتحدة لا تستورد غا من روسيا إلا أنها تتأثر أيضًا عندما تقيد روسيا الإمدادات إلى أوروبا، حيث يتسبب ذلك في ارتفاع أسعار الغاز العالمية، حيث تضاعفت أسعار الغاز تقريبًا في المملكة المتحدة خلال العام الماضي.

وقالت المفوضية الأوروبية في وقت سابق من هذا الشهر إن الاقتصاد سينمو بنسبة 2.7٪ هذا العام و 1.5٪ العام المقبل. ومع ذلك ، قالت المؤسسة أيضًا إن الإغلاق الكامل لإمدادات الغاز من روسيا قد يؤدي إلى ركود في وقت لاحق في أواخر عام 2022.

Previous articleهل يواصل سهم علي بابا انخفاضه أم يستجيب للمحفزات؟
Next articleسعر سهم أمازون يرتفع بعد صفقة الاستحواذ على آي روبوت